responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 202
قِيلَ: إِنَّهَا كَانَتْ نَمَّامَةً حَمَّالَةً لِلْحَدِيثِ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ» وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَحَبُّكُمْ إِلَى اللَّهِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا، الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا، الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَى اللَّهِ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ، الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْإِخْوَانِ، الْمُلْتَمِسُونَ لِلْبُرَآءِ الْعَثَرَاتِ» .
وَحَدُّ النَّمِيمَةِ هُوَ كَشْفُ مَا يُكْرَهُ كَشْفُهُ، سَوَاءٌ كَرِهَهُ الْمَنْقُولُ عَنْهُ أَوِ الْمَنْقُولُ إِلَيْهِ، أَوْ كَرِهَهُ ثَالِثٌ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْكَشْفُ بِالْقَوْلِ، أَوْ بِالْكِتَابَةِ، أَوْ بِالرَّمْزِ، أَوْ بِالْإِيمَاءِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَنْقُولُ مِنَ الْأَعْمَالِ أَوْ مِنَ الْأَقْوَالِ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ عَيْبًا وَنَقْصًا فِي الْمَنْقُولِ عَنْهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ. بَلْ حَقِيقَةُ النَّمِيمَةِ إِفْشَاءُ السِّرِّ وَهَتْكُ السِّتْرِ عَمَّا يُكْرَهُ كَشْفُهُ، بَلْ كُلُّ مَا رَآهُ الْإِنْسَانُ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْكُتَ عَنْهُ، إِلَّا مَا فِي حِكَايَتِهِ فَائِدَةٌ لِمُسْلِمٍ، أَوْ دَفْعٌ لِمَعْصِيَةٍ، كَمَا إِذَا رَأَى مَنْ يَتَنَاوَلُ مَالَ غَيْرِهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.
وَالْبَاعِثُ عَلَى النَّمِيمَةِ إِمَّا إِرَادَةُ السُّوءِ لِلْمَحْكِيِّ عَنْهُ، أَوْ إِظْهَارُ الْحُبِّ لِلْمَحْكِيِّ لَهُ، أَوِ التَّفَرُّجُ بِالْحَدِيثِ وَالْخَوْضُ فِي الْفُضُولِ وَالْبَاطِلِ.
وَكُلُّ مَنْ حُمِلَتْ إِلَيْهِ نَمِيمَةٌ فَعَلَيْهِ أَنْ لَا يُسَارِعَ إِلَى صِدْقِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) [الْحُجُرَاتِ: 6] وَأَنْ يَنْهَاهُ وَيَنْصَحَ لَهُ، وَأَنْ لَا يَظُنَّ بِالْغَائِبِ سُوءًا، وَأَنْ لَا يَحْمِلَهُ ذَلِكَ عَلَى التَّجَسُّسِ.
وَقَالَ «الحسن» : «مَنْ نَمَّ إِلَيْكَ نَمَّ عَلَيْكَ» ، وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ النَّمَّامَ يَنْبَغِي أَنْ يُبْغَضَ وَلَا يُوثَقَ بِقَوْلِهِ وَلَا بِصَدَاقَتِهِ، وَكَيْفَ لَا وَهُوَ لَا يَنْفَكُّ عَنِ الْعُذْرِ وَالْخِيَانَةِ وَالْإِفْسَادِ بَيْنَ النَّاسِ، وَهُوَ مِمَّنْ يَسْعَى فِي قَطْعِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ. وَقَالَ تَعَالَى: (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) [الشُّورَى: 42] وَالنَّمَّامُ مِنْهُمْ. وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنِ اتَّقَاهُ النَّاسُ لِشَرِّهِ» وَالنَّمَّامُ مِنْهُمْ.
وَقِيلَ «لِمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ» . «أَيُّ خِصَالِ الْمُؤْمِنِ أَوْضَعُ لَهُ» ؟ فَقَالَ: «كَثْرَةُ الْكَلَامِ، وَإِفْشَاءُ السِّرِّ، وَقَبُولُ قَوْلِ كُلِّ أَحَدٍ» . وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «لَوْ صَحَّ مَا نَقَلَهُ النَّمَّامُ إِلَيْكَ لَكَانَ هُوَ الْمُجْتَرِئَ بِالشَّتْمِ عَلَيْكَ، وَالْمَنْقُولُ عَنْهُ أَوْلَى بِحِلْمِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَابِلْكَ بِشَتْمِكَ» .

الْآفَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: كَلَامُ ذِي الْوَجْهَيْنِ:
وَهُوَ ذُو اللِّسَانَيْنِ الَّذِي يَتَرَدَّدُ بَيْنَ الْمُتَعَادِيَيْنِ، وَيُكَلِّمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِكَلَامٍ يُوَافِقُهُ مِنَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ فِي مُعَادَاتِهِ، وَذَمِّهِ الْآخَرَ، وَوَعْدِهِ بِأَنْ يَنْصُرَهُ عَلَى خَصْمِهِ، وَهُوَ مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ. نَعَمْ إِذَا دَخَلَ عَلَى مُتَعَادِيَيْنِ وَجَامَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَكَانَ صَادِقًا فِيهِ - لَمْ يَكُنْ ذَا لِسَانَيْنِ وَلَا مُنَافِقًا، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُصَادِقُ مُتَعَادِيَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ نَقَلَ كَلَامَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى الْآخَرِ فَهُوَ ذُو لِسَانَيْنِ، وَهُوَ شَرٌّ مِنَ النَّمَّامِ؛ لِأَنَّ النَّمَّامَ يَنْقُلُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَقَطْ، وَهَذَا يَزِيدُ النَّقْلَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَيَزِيدُ أَنْ

اسم الکتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 202
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست