responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 189
وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ أَنْ هَدَاهُمُ اللَّهُ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ» .
وَعَنْهُ: «لَا يَسْتَكْمِلُ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَدَعَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا» .
وَقَالَ بِلَالُ بْنُ سَعْدٍ: «إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ لَجُوجًا مُمَارِيًا مُعْجَبًا بِرَأْيِهِ فَقَدْ تَمَّتْ خَسَارَتُهُ» ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: «لَا أُمَارِي صَاحِبِي، فَإِمَّا أَنْ أَكْذِبَهُ وَإِمَّا أَنْ أُغْضِبَهُ» وَمَا وَرَدَ فِي ذَمِّ الْمِرَاءِ وَالْجِدَالِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى.
وَحَدُّ الْمِرَاءِ هُوَ كُلُّ اعْتِرَاضٍ عَلَى كَلَامِ الْغَيْرِ بِإِظْهَارِ خَلَلٍ فِيهِ، إِمَّا فِي اللَّفْظِ، وَإِمَّا فِي الْمَعْنَى، وَإِمَّا فِي قَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ، وَتَرْكُ الْمِرَاءِ بِتَرْكِ الْإِنْكَارِ وَالِاعْتِرَاضِ، فَكُلُّ كَلَامٍ سَمِعْتَهُ فَإِنْ كَانَ حَقًّا فَصَدِّقْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا أَوْ كَذِبًا وَلَمْ يَكُنْ مُتَعَلِّقًا بِأُمُورِ الدِّينِ فَاسْكُتْ عَنْهُ.
وَالْوَاجِبُ إِنْ جَرَى الْجَدَلُ فِي مَسْأَلَةٍ عِلْمِيَّةٍ السُّكُوتُ أَوِ السُّؤَالُ فِي مَعْرِضِ الِاسْتِفَادَةِ، لَا عَلَى وَجْهِ الْعِنَادِ وَالنَّكَادَةِ، أَوِ التَّلَطُّفُ فِي التَّعْرِيفِ لَا فِي مَعْرِضِ الطَّعْنِ، وَأَمَّا قَصْدُ إِفْحَامِ الْغَيْرِ وَتَعْجِيزِهِ وَتَنْقِيصِهِ بِالْقَدْحِ فِي كَلَامِهِ وَنِسْبَتِهِ إِلَى الْقُصُورِ وَالْجَهْلِ فِيهِ - فَهِيَ الْمُجَادَلَةُ الْمَحْظُورَةُ الَّتِي لَا نَجَاةَ مِنْ إِثْمِهَا إِلَّا بِالسُّكُوتِ، وَمَا الْبَاعِثُ عَلَيْهَا إِلَّا التَّرَفُّعُ بِإِظْهَارِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ، وَالتَّهَجُّمِ عَلَى الْغَيْرِ بِإِظْهَارِ نَقْصِهِ، وَهُمَا صِفَتَانِ مُهْلِكَتَانِ. وَلَا تَنْفَكُّ الْمُمَارَاةُ عَنِ الْإِيذَاءِ، وَتَهْيِيجِ الْغَضَبِ، وَحَمْلِ الْمُعْتَرَضِ عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يَعُودَ فَيَنْصُرَ كَلَامَهُ بِمَا يُمْكِنُهُ مِنْ حَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ، وَيَقْدَحَ فِي قَائِلِهِ بِكُلِّ مَا يُتَصَوَّرُ لَهُ، فَيَثُورُ الشِّجَارُ بَيْنَ الْمُتَمَارِيَيْنِ. وَأَمَّا عِلَاجُهُ فَهُوَ بِأَنْ يَكْسِرَ الْكِبْرَ الْبَاعِثَ لَهُ عَلَى إِظْهَارِ فَضْلِهِ، وَالسَّبْعِيَّةَ الْبَاعِثَةَ لَهُ عَلَى تَنْقِيصِ غَيْرِهِ.

الْآفَةُ الْخَامِسَةُ: الْخُصُومَةُ:
وَهِيَ أَيْضًا مَذْمُومَةٌ، وَهِيَ وَرَاءَ الْجِدَالِ وَالْمِرَاءِ، وَحَقِيقَتُهَا لَجَاجٌ فِي الْكَلَامِ لِيُسْتَوْفَى بِهِ مَالٌ أَوْ حَقٌّ مَقْصُودٌ، وَفِي الْحَدِيثِ: " إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ ". وَلَا تَكُونُ الْخُصُومَةُ مَذْمُومَةً إِلَّا إِنْ كَانَتْ بِالْبَاطِلِ أَوْ بِغَيْرِ عِلْمٍ، كَالَّذِي يُدَافِعُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الْحَقَّ فِي أَيِّ جَانِبٍ، أَوْ يَمْزُجُ بِخُصُومَتِهِ كَلِمَاتٍ مُؤْذِيَةً لَا حَاجَةَ لَهَا فِي نُصْرَةِ الْحُجَّةِ وَإِظْهَارِ الْحَقِّ، أَوْ يَحْمِلُهُ عَلَى الْخُصُومَةِ مَحْضُ الْعِنَادِ؛ لِقَهْرِ الْخَصْمِ وَكَسْرِهِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَسْتَحْقِرُ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنَ الْمَالِ. وَفِي

اسم الکتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 189
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست