responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 188
وَاعْلَمْ أَنَّ فُضُولَ الْكَلَامِ لَا يَنْحَصِرُ، بَلِ الْمُهِمُّ مَحْصُورٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) [النِّسَاءِ: 114] وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «طُوبَى لِمَنْ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ لِسَانِهِ، وَأَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ» .
فَانْظُرْ كَيْفَ قَلَبَ النَّاسُ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ، فَأَمْسَكُوا فَضْلَ الْمَالِ، وَأَطْلَقُوا فَضْلَ اللِّسَانِ، قَالَ «عطاء» : إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ فُضُولَ الْكَلَامِ، وَكَانُوا يَعُدُّونَ فُضُولَ الْكَلَامِ مَا عَدَا كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى، وَسُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ، أَوْ تَنْطِقُ لِحَاجَتِكَ فِي مَعِيشَتِكَ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا. أَتُنْكِرُونَ أَنَّ عَلَيْكُمْ حَافِظِينَ (كِرَامًا كَاتِبِينَ) [الِانْفِطَارِ: 11] (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق: 17، 18] أَمَا يَسْتَحِي أَحَدُكُمْ إِذَا نُشِرَتْ صَحِيفَتُهُ الَّتِي أَمْلَاهَا صَدْرَ نَهَارِهِ كَانَ أَكْثَرُ مَا فِيهَا لَيْسَ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَلَا دُنْيَاهُ؟ وَقَالَ «ابْنُ عُمَرَ» : «إِنَّ أَحَقَّ مَا طَهَّرَ الرَّجُلُ لِسَانَهُ» . وَفِي أَثَرٍ: «مَا أُوتِيَ رَجُلٌ شَرًّا مِنْ فَضْلٍ فِي لِسَانٍ» .

الْآفَةُ الثَّالِثَةُ: الْخَوْضُ فِي الْبَاطِلِ:
وَهُوَ الْكَلَامُ فِي الْمَعَاصِي، كَحِكَايَةِ أَحْوَالِ النِّسَاءِ، وَمَجَالِسِ الْخَمْرِ، وَمَقَامَاتِ الْفُسَّاقِ، وَتَكَبُّرِ الْجَبَابِرَةِ، وَمَرَاسِمِهِمُ الْمَذْمُومَةِ، وَأَحْوَالِهِمُ الْمَكْرُوهَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَحِلُّ الْخَوْضُ فِيهِ. وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَتَجَالَسُونَ لِلتَّفَرُّجِ بِالْحَدِيثِ، وَلَا يَعْدُو كَلَامُهُمُ التَّفَكُّهَ بِأَعْرَاضِ النَّاسِ أَوِ الْخَوْضَ فِي الْبَاطِلِ. وَأَنْوَاعُ الْبَاطِلِ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهَا؛ لِكَثْرَتِهَا وَتَفَنُّنِهَا، فَلِذَلِكَ لَا مَخْلَصَ مِنْهَا إِلَّا بِالِاقْتِصَارِ عَلَى مَا يَعْنِي مِنْ مُهِمَّاتِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا. وَفِي الْحَدِيثِ: «أَعْظَمُ النَّاسِ خَطَايَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ خَوْضًا فِي الْبَاطِلِ» ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ) [الْمُدَّثِّرِ: 45] وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: (فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ) [النِّسَاءِ: 140] .
وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، يَكْتُبُ اللَّهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، يَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .

الْآفَةُ الرَّابِعَةُ: الْمِرَاءُ وَالْجِدَالُ:
وَذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُمَارِ أَخَاكَ، وَلَا تُمَازِحْهُ، وَلَا تَعِدْهُ مَوْعِدًا فَتُخْلِفَهُ» .

اسم الکتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 188
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست