responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 130
الْجَارِي بَيْنَكُمَا مُخَالَطَةٌ رَسْمِيَّةٌ لَا وَقْعَ لَهَا فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ، فَقَدْ قَالَ " مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ ": " مَنْ رَضِيَ مِنَ الْإِخْوَانِ بِتَرْكِ الْإِفْضَالِ فَلْيُؤَاخِ أَهْلَ الْقُبُورِ ". وَأَمَّا الدَّرَجَةُ الْأُولَى فَلَيْسَتْ أَيْضًا مَرْضِيَّةً عِنْدَ ذَوِي الدِّينِ؛ رُوِيَ أَنَّ " عُتْبَةَ الْغُلَامَ " رَحِمَهُ اللَّهُ جَاءَ إِلَى مَنْزِلِ رَجُلٍ كَانَ قَدْ آخَاهُ فَقَالَ: " أَحْتَاجُ مِنْ مَالِكَ إِلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ "، فَقَالَ: " خُذْ أَلْفَيْنِ "، فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَقَالَ: " آثَرْتَ الدُّنْيَا عَلَى اللَّهِ، أَمَا اسْتَحْيَيْتَ أَنْ تَدَّعِيَ الْأُخُوَّةَ فِي اللَّهِ وَتَقُولَ هَذَا ". وَأَمَّا الرُّتْبَةُ الْعُلْيَا فَهِيَ الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ بِهَا فِي قَوْلِهِ: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) [الشُّورَى: 38] أَيْ كَانُوا خُلَطَاءَ فِي الْأَمْوَالِ لَا يُمَيِّزُ بَعْضُهُمْ رَحْلَهُ عَنْ بَعْضٍ، وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَصْحَبُ مَنْ قَالَ: نَعْلِي؛ لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إِلَى نَفْسِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُعْتِقُ أَمَتَهُ إِذَا حَدَّثَتْهُ بِمَجِيءِ أَخِيهِ وَأَخْذِهِ مِنْ مَالِهِ حَاجَتَهُ فِي غَيْبَتِهِ سُرُورًا بِمَا فَعَلَ، وَقَالَ " زَيْنُ الْعَابِدِينَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لِرَجُلٍ: " هَلْ يُدْخِلُ أَحَدُكُمْ يَدَهُ فِي كُمِّ أَخِيهِ أَوْ كِيسِهِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ مَا يُرِيدُ بِغَيْرِ إِذْنٍ؟ " قَالَ: لَا، قَالَ: فَلَسْتُمْ بِإِخْوَانٍ، وَقَالَ " ابْنُ عُمَرَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: " أُهْدِيَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسُ شَاةٍ فَقَالَ: " أَخِي فُلَانٌ أَحْوَجُ مِنِّي إِلَيْهِ "، فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ، فَبَعَثَهُ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ إِلَى آخَرَ، فَلَمْ يَزَلْ يَبْعَثُ بِهِ وَاحِدٌ إِلَى آخَرَ حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْأَوَّلِ بَعْدَ أَنْ تَدَاوَلَهُ سَبْعَةٌ. وَقَالَ " أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ ": " لَوْ أَنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا لِي فَجَعَلْتُهَا فِي فَمِ أَخٍ مِنْ إِخْوَانِي لَاسْتَقْلَلْتُهَا لَهُ ". وَلَمَّا كَانَ الْإِنْفَاقُ عَلَى الْإِخْوَانِ أَفْضَلَ مِنَ الصَّدَقَاتِ عَلَى الْفُقَرَاءِ قَالَ " علي " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " لَعِشْرُونَ دِرْهَمًا أُعْطِيهَا أَخِي فِي اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى الْمَسَاكِينِ ". وَفِي الصَّفَاءِ فِي الْأُخُوَّةِ الِانْبِسَاطُ فِي بُيُوتِ الْإِخْوَانِ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: (أَوْ صَدِيقِكُمْ) [النُّورِ: 61] . وَقَالَ: (أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ) [النُّورِ: 61] إِذْ كَانَ الْأَخُ يَدْفَعُ مَفَاتِيحَ بَيْتِهِ إِلَى أَخِيهِ وَيُفَوِّضُ إِلَيْهِ التَّصَرُّفَ كَمَا يُرِيدُ، وَكَانَ يَتَحَرَّجُ عَنِ الْأَكْلِ بِحُكْمِ التَّقْوَى حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ وَأَذِنَ لَهُمْ فِي الِانْبِسَاطِ فِي طَعَامِ الْإِخْوَانِ وَالْأَصْدِقَاءِ.

الْحَقُّ الثَّانِي فِي الْإِعَانَةِ بِالنَّفْسِ
وَذَلِكَ فِي قَضَاءِ الْحَاجَاتِ وَالْقِيَامِ بِهَا قَبْلَ السُّؤَالِ وَتَقْدِيمِهَا عَلَى الْحَاجَاتِ الْخَاصَّةِ، وَهَذِهِ أَيْضًا لَهَا دَرَجَاتٌ فَأَدْنَاهَا الْقِيَامُ بِالْحَاجَةِ عِنْدَ السُّؤَالِ وَالْقُدْرَةِ وَلَكِنْ مَعَ الْبَشَاشَةِ وَالِاسْتِبْشَارِ

اسم الکتاب : موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين المؤلف : القاسمي، جمال الدين    الجزء : 1  صفحة : 130
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست