ثم يعود بواسطة الأوردة الرئوية إلى الأذين الأيسر من القلب، ومنه إلى البطين الأيسر منه، فيضخه بواسطة الشريان (الأبهر) إلى العروق الضوارب [1] ؛ فيوصل -سبحانه- الغذاء بواسطتها إلى كل جزء جزء من البدن على مقداره وصفته المناسبة له وإلى كل حاسة بحسبها- فيحيله إلى العظم عظمًا، وإلى اللحم لحمًا، وإلى العصب عصبًا، وإلى الشعر شعرًا، وهكذا ... ؛ فإنه سبحانه هو الذي خلق هذا كله، وهو الذي يرزق هذا كله رزقًا ثانيًا. الرزق الأول خلق الغذاء، وهذا إيصاله إلى الأعضاء ... ، وكذلك أعوذ بالله من الشطيان الرجيم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} [الحج: 5] بارك الله.... [1] والقلب مؤلف من مضختين لا واحدة. الأولى: لدفع الدم باتجاه الرئتين، والثانية: لإرساله إلى سائر أنحاء الجسم. يضخ القلب يوميًا ثمانمائة لتر من الدم. وتبلغ ضربات القلب ستين إلى ثمانين في الدقيقة. وفي كل مرة يدخل القلب حوالي ربع لتر من الدم، ويستغرق مرور دفعة واحدة من الدم خلال القلب ثانية ونصف. والطريق من القلب إلى الرئة وثم مرة أخرى ست ثواني. وهذه هي الدورة الدموية الصغرى. والدم الذاهب إلى الدماغ يعود إلى القلب في ثماني ثوان، بينما يعود الدم إلى القلب من أصابع القدم في ثماني عشرة ثانية، وهذه هي الدورة الدموية الكبرى