responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موارد الظمآن لدروس الزمان المؤلف : السلمان، عبد العزيز    الجزء : 1  صفحة : 90
وَكَثْرَة هُمُومِهَا وَغُمُومِهَا وإِشْغَالِهَا عَنْ طَاعةِ اللهِ وَلذلكَ كَانَ النَّاسُ يُقَدِّرُونَهُمْ وَيَضَرِبُونَ بِهِمُ الأَمثالَ وَأَنْتَ تَرَى أَنه على قَدْرِ قَنَاعَةِ العُلَمَاءِ في الدُّنْيَا تَكُونُ مَكَانتُهُمْ في نُفُوسِ النَّاسِ والتَفَافُهُم حَوْلَهم والاسْتِمَاعُ لِنَصائِحِهمْ والانقيادُ لإِرْشَاداتِهِمْ وَالرُّجوعُ إِليهِمْ فَيمَا يُشْكِلُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى قَدْرِ تَعَلّقِ العُلََمَاءِ بَالدُّنْيَا وَتَوَجُهِهِمْ إِليها تَكُونُ زَهَادَةُ الناسِ في العُلماءِ وَعَدمُ الثِّقَةِ بَهَمْ واتِّهَامُهُمْ وَالنُفْرَةُ مِنْهُمْ وأَكْلُ لُحُومِهِمْ وَعَدَمُ قُبُولِ كَلاَمِهِمْ وَإِرْشَادِهِمْ وَنَصَائِحِهِمْ فَلاَ يَسْمَعُونَ لَهُمْ قَوْلاً وَلاَ يُعَوِّلُون عَلَيهِمْ في مَا يَجْهَلُونَهُ وَيَحْرَصُونَ عَلَى البُعْدِ عَنْهُمْ وَيَسْتَثْقِلُونَهَمْ والسَّبَبُ الوَحِيدُ كَمَا عَلِمْتَ أَولاً هو التعلقُ بالدُّنْيَا ضِدَّ مَا عَلَيْهِ السلفُ الصَّالِحُ.
قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: اعْلَمْ أَيَّهَا الإِنْسَانُ أَنَّ الدُّنْيَا مَنْزِلةٌ وَلَيْسَتْ بِدَارِ قَرارٍ وَالإِنْسَانُ مُسَافر فَأَوّلُ مَنَازِلهِ بَطْنُ أمهِ وَآخرُ مَنَازِلهِ لحَدُ قَبْرِهِ، وَإِنمَّا وَطَنُهُ وَقَرَارُهُ وَمُكْثُهُ واسْتِقْرَارُهُ بَعْدَهَا في هَذَا.
وَاخْتَصَرُ أَحَدُ العُبَّادِ فَقَالَ: مَا تأَسُّفِي عَلَى دَارِِ الهُمُوم والأَنْكاَدِ وَالأَحْزَانِ وَالخَطَايَا والذُّنُوبِ، وَإنَّمَا تَأُسُّفِي عَلَى لَيْلَةٍ نِمْتُهَا، وَيَوْمٍ أَفْطَرْتُهُ، وَسَاعَةٍ غَفَلْتُ فِيهَا عَنْ ذِكْرِ الله ثّمَّ مَاتَ رَحِمَهُ اللهُ.
وَقَالَ مُطَرِّفُ بنُ الشَّخِيرِ: إِنَّ هَذَا الموتَ نَغَّصَ عَلَى النَّعِيمِ نَعِيمَهُمْ، فاطْلُبُوا نَعِيمًا لاَ مَوْتَ فيهَ، فَكيْفَ وَوَرَاءَهُ يوم يُعَدُّ فيهِ الجَوَابُ وَتَدْهَشُ فيهِ الأَلْبَابُ، وَتفْنَى في شَرْحِهِ الأَقْلاَمُ والكُتَّابُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: كُلُّ سَنَةٍ تَنْقَضِي مِنَ الإِنْسَانِ فَكَالمرحَلةِ. وَكُلَّ شَهْرٍ يَنْقَضِي مِنْهُ فَكَاسْتِرَاحَةِ المُسَافِر في طَرِيق، وَكُلُّ أُسْبُوعٍ فَكَقَرية تَلقَاهُ. وكُلُّ يَوْمٍ فَكَفَرْسَخٍ يَقْطَعُهُ.
وَكُلُّ نَفَس كَخَطْوةٍ يَخْطُوهَا. وَبقَدرِ كُلِّ نَفَسٍ يَتَنَفَّسُهُ يَقْرُبُ مِنَ الآخِرَةِ وَهَذِهِ الدُّنْيَا قِنْطَرَةٌ فَمَنْ عَمَّرَ القَنْطَرةَ وَاسْتَعْجَلَ بِعمارتِهَا فَنيَ فِيهَا زَمَانُهُ.

اسم الکتاب : موارد الظمآن لدروس الزمان المؤلف : السلمان، عبد العزيز    الجزء : 1  صفحة : 90
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست