responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موارد الظمآن لدروس الزمان المؤلف : السلمان، عبد العزيز    الجزء : 1  صفحة : 507
يَجِدُونَ فِي أَنْفُسِهم حَرَجًا وَهُو الضيقُ وَالحَصْرُ مِنْ حُكْمِه بَلْ يَقْبَلُوا حُكْمَهُ بالانْشِرَاحِ وَيُقَابِلُوهُ بِالتَّسْلِيمِ لا أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَهُ على إغْمَاضِ وَيَشْرَبُونَ عَلى قَذَيّ فَإِنَّ هَذَا مُنَافٍ للإيمَان بَلْ لا بدُ أَنْ يَكُونَ أَخْذُهُ بِقُبولٍ وَرِضَا وانْشِرَاحِ صُدُورٍ.
وَمَتَى أَرَادَ العَبْدُ أَنْ يَعْلَم هَذَا فَلْيَنْظُر في حالِهِ وَيُطَالِعُهُ في قَلْبِهِ عِنْدَ وُرُودِ حُكْمِهِ عَلَى خِلافِ هَواهُ وَغَرضِهِ فَسُبْحَانَ اللهِ كَمْ مِنْ حَزَازَةِ فِي نُفُوسِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ مِنْ كَثِيرٍ النُّصُوصِ وَبِودِّهِمْ أَنْ لَوْ لَمْ يَرِدْوَكَمْ مِنْ حَرَارَةٍ في أَكْبَادِهِم مِنْهَا وَكَمْ مَنْ شَجَى فِي حُلُوقِهِم مِنْهَا وَمِنْ مُوْرِدَهَا سَتَبْدُوا لَهَمْ تِلَكَ السَّرَائِرُ بالذي يَسُوءُ وَيُخْزِي يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرِ.
ثُمَّ لَمْ يَقْتَصرُ سُبْحَانَهُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى ضَمَّ إليهِ قَوْلَه تعالى: {وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} فذكرَ الفِعْلَ مُؤَكَّدًا بِمَصْدَرِهِ القَائِم مَقَامَ ذِكْرُهِ مَرَّتِين وَهُوَ الخُضُوعُ لَهُ والانقيادُ لِمَا حَكَمَ بِهِ طَوْعًا وَرِضًا وَتَسْلِيمًا لا قَهْرًا وَمُصَابَرَةً كَمَا يُسْلِمُ المقهُورُ لِمَنْ قَهَرَهُ كُرْهًا بَلْ تَسْلِيمَ عَبْدٍ مُطِيعٍ لِمَوْلاهُ وَسَيِّدِِهِ الذِي هُوَ أَحَبُّ شيء إليهِ يَعْلَمُ أنّ سَعَادَتَهُ وَفَلاحهَ في تَسْلِيمهِ إِلَيْهِ وَيَعْلَمُ بأنَّهُ أَوْلى بِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَأَبَرَّ بِهِ مِنْهَا وأرْحَمُ بِهِ مِنْهَا وَأَنْصَحَ لَهُ مِنْهَا وَأَعْلَمُ بِمَصَالِحِهِ مِنْهَا وَأَقْدَرَ على تَخْلِيصِهَا.
وَأمَّلْ لِهَذَا الْمَعْنَى المذكُورِ في الآيةِ بوجُوهٍ عَدِيدَةٍ مِنْ التَّأَكِيدِ أولها تصديرُها بالقسم يَتضَّمَّن الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُه: لا يظمنون، وثانيها: تأكيده بنفس القسم، وثالثها: تأكيده بالمُقْسَمِ بِهِ وَهُوَ إقْسَامهُ بِنَفْسِهِ لا بشيَءٍ من مَخْلُوقَاتِهِ، ورَابعًا: تأكِيدُه بانتِفاءِ الحَرَجِ وَهُوَ وُجُودُ التَّسْلِيم، وخامُسُها: تأكيدُ الفِعْل بالْمَصْدَرِ ومَا هَذا إلا لِشِدَّة الحاجةِ إلى هذا الأمْرِ العَظِيمِ وَأَنَّهُ مِمَّا يُعْتَنَى بِهِ وَيُقَرَّرُ في نُفُوسِ العِبَادِ. وَاللهُ أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمِ.

اسم الکتاب : موارد الظمآن لدروس الزمان المؤلف : السلمان، عبد العزيز    الجزء : 1  صفحة : 507
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست