اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 34
الباب الثاني: منهج العبادة
من أبرز سمات المنهج الإسلامي أنه منهج عبادة، ولكن العبادة في هذا المنهج تحتاج إلى توضيح. فهي ليست قاصرة على مناسك التعبد المعروفة من صلاة وصيام وزكاة. وإنما هي معنى أعمق من ذلك جدًّا. إنها العبودية لله وحده. والتلقي من الله وحده في أمر الدنيا والآخرة كله. ثم هي الصلة الدائمة بالله في هذا كله.
وهذه الصلة في الحقيقة هي منهج التربية كله، تتفرع منه جميع التفريعات وتعود في النهاية كلها إليه.
والصلاة والصيام والزكاة والحج وسائر الشعائر التعبدية، إن هي إلا مفاتيح. مجرد مفاتيح للعبادة، أو"محطات" يقف عندها السائرون في الطريق يتزودون بالزاد، ولكن الطريق كله عبادة، وكل ما يقع فيه من نسك أو عمل، أو فكر أو شعور فهو كذلك عبادة.. ما دامت وجهته إلى الله.
ما دام قد شهد حقًّا -لا باللسان- أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وأقام حياته كلها وواقعه كله على هذا الأساس.
والعبادة بهذا المعنى تشمل الحياة.
إنها لا تقتصر على اللحظات القصيرة التي تشغلها مناسك التعبد. وما كان هذا هو القصد من الآية الكريمة {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [1]. وإلا فما قيمة لحظات عابرة في صفحة النفس وفي صفحة الكون، لا تكاد تترك لها أثرًا وتضيع في الفضاء؟
إنما قيمتها أن تكون منهج حياة يشمل كل الحياة. قيمتها أن تكون خطة سلوك وخطة عمل وخطة فكر وخطة شعور، قائمة كلها على منهج واضح، يتبين فيه -في كل لحظة- ما ينبغي وما لا ينبغي أن يكون. [1] سورة الذاريات 56.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 34