responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 160
وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا، وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا، وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا، وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا، وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [1].
هذه الإشارة المفصلة في سورة الجن. والإشارة العابرة في سورة الأحقاف: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ، قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ} .
ليس دورها في العقيدة كدور الإيمان بالله واليوم الآخر، ولا كدور الشيطان. وقد كان يمكن أن تستقيم العقيدة وتكتفي بدون ذكر الجن وهذه التفصيلات. ولكن الإسلام -كما قلنا- يساير الفطرة البشرية جميعًا، ويصل إليها من كل منافذها، ولا يترك منفذًا واحدًا صغيرًا أو كبيرًا يمكن أن ينفذ إليه دون أن يفعل ذلك. والميل الفطري إلى الإيمان بكائنات لا تدركها الحواس هو نافذة إلى النفس يمكن أن يلجها الإسلام ليصل منها إلى مكمن العقيدة في النفس فيوقظها ويحييها ويزيد "مساحتها". ومن أجل ذلك ذكر هذة الحقيقية. حقيقة الجن. لا لأنها من قواعد العقيدة، ولكن لأنها تغذي تلك الطاقة الفطرية البشرية التي يريد الإسلام أن ينفذ إليها من كل باب. ولكن فلننظر بأي قدر ذكرها ولأية نتيجة!
لقد قلنا إن الإسلام يرفع على كل وتر بقدر ما يصلح له وما يحتاج إليه.
وقد ذكر القرآن الجن في هذين الموضعين، وفي قصة سيدنا سليمان وفي مواضع أخرى عابرة، لا ليشغل البشرية بأبحاث تفصيلية عن الجن، وأعدادهم، وأخلاقهم، وعاداتهم، وطريقة اتصالهم بالإنس، وكيفية تسخيرهم، وحدود طاقاتهم. إلى آخر هذه المباحث التي شغلت المسلمين فترة من الوقت، كانت ولا شك من فترات الفراغ!
إنها إشارة عابرة ... جاءت لتوسع مساحة النفس ... ليخرج الإنسان من دائرة حواسه الضيقة، فيقر في خلده أن الكون أوسع مما تراه حواسه وأشمل.

[1] سورة الجن 1-16.
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد    الجزء : 1  صفحة : 160
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست