اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 149
لأنه يعيش بجناح واحد. جناح الواقع، ويقص جناحه الآخر. جناح الخيال.
أو الأوفق أن نقول: إنه يعيش بقدميه المربوطتين إلى الأرض، ويقص جناحيه المحلقين في السماء.
والإسلام -كعهده دائمًا- يحب أن يستغل الطاقات البشرية جميعًا، ويوقع على كل أوتار النفس، ليصل من ذلك إلى التوازن في الكيان البشري، وإلى تنمية هذا الكيان وتوسيع آفاقه، ليليق ببني الإنسان.
من أجل ذلك يوقع على الوترين المتقابلين، كل في نطاقه، وكل بما يصلح له.
فأما طاقة الواقع فيعطيها عملها الكامل في نطاق الحياة الدنيا ونطاق الأرض.
إقامة الدولة، وتنظيمها، وحمايتها. وتنظيم المجتمع بحاجاته المادية والاقتصادية والسياسية والتعليمية. إلخ. واستخلاص معادن الأرض وطاقاتها واستغلالها لمنفعة البشر. وتنظيم العلاقات مع الدول الأخرى في الحرب والسلم إلخ إلخ.
كل ما "يحتاج" إليه الإنسان في الأرض، كل "الضرورات" التي لا يستغني عنها. كل العلوم. كل المخترعات. كل التنظيمات.
ولكنه لا يقتنع بالضرورة. لا يحجر مشاعر الناس ويوقفها في حدود هذا الواقع الصغير. لكي لا تفسد. لكي لا تهبط. لكي لا يأكلها الصراع على عالم المادة. لكي لا يأكل مشاعرها الحقد والحسد والأطماع.
إنه يلبي الفطرة الإنسانية. بل الفطرة الحية على إطلاقها. بل فطرة الخليقة حتى في الجماد!
إن الجبال لا تكتفي بأن تكون جبالًا.. ولكنها تكون جميلة ورائعة مكسوة بالثلوج أو مكسوة بالغابات!
إن السحاب لا يكتفي بأن يكون سحابًا يحمل الماء.. ولكنه كذلك يكون جميلًا بأشكاله وألوانه. ثم ينتشر عليه في بعض الأحيان طيف الشمس "قوس قزح" في منظر رائع جميل!
إن النبات لا يكتفي بأن يكون نباتًا، ولكنه يورق ويزهر، ويستمتع
اسم الکتاب : منهج التربية الإسلامية المؤلف : قطب، محمد الجزء : 1 صفحة : 149