responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مفتاح الأفكار للتأهب لدار القرار المؤلف : السلمان، عبد العزيز    الجزء : 1  صفحة : 355
وعزيزها ذليل، وغنيها فقير، شابها يهرم، وحيُّها يموت، ولا يغركم إقبالها مع معرفتكم بسرعة إدبارها، والمغرور من اغتر بها.
أين سكانها الذين بنوا مرابعها وشققوا أنهارها وغرسوا أشجارها وأقاموا فيها أياماً يسيرة وغرتهم بصحبتهم وغُرُّوا بنشاطهم فركبوا المعاصي إنهم كانوا والله بالدنيا مغبوطين بالمال على كثرة المنع عليه محسودين على جمعه.
ما صنع التراب بأبدانهم والرمل بأجسامهم والديدانُ بأوصالهم ولحومهم وعظامهم وإذا مررت فنادهم إن كنت منادياً وادعهم إن كنت لا بد داعيا.
ومُر بعسكرهم وانظر إلى تقارب منازلهم وسل غنيهم ما بقي من غناه وسل فقيرهم ما بقي من فقره واسألهم عن الألسن التي كانوا بها يتكلمون وعن الأعين التي كانوا بها ينظرون وسلهم عن الأعضاء الرقيقة، والوجوه الحسنة والأجساد الناعمة ما صنعت بها الديدان.
محت الألوان، وأكلت اللُّحمان، وعفرت الوجوه، ومحت المحاسن، وكسرت الفقار، وأبانت الأعضاء، ومزقت الأشلاء قد حِيل بينهم وبين العمل وفارقوا الأحبة.
فكم من ناعمٍ وناعمةٍ أصبحت وجوههم بالية، وأجسادهم من أعناقهم بائنة، وأوصالهم مُتمزقة، وقد سالت الحدق على الوجنات، وامتلأت الأفواه صديداً، ودبت دواب الأرض في أجسامهم، وتفرقت أعضاؤهم.
ثم لم يلبثوا إلا يسيراً حتى عادت العظام رميماً قد فارقوا الحدائق فصاروا بعد السعة إلى المضائق قد تزوجت نساؤهم وترددت في الطرق أبناؤهم.
فمنهم والله الموسَّعُ له في قبره الغض الناعم فيه المُتنعم بلذاته، فيا ساكن

اسم الکتاب : مفتاح الأفكار للتأهب لدار القرار المؤلف : السلمان، عبد العزيز    الجزء : 1  صفحة : 355
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست