جميع ما تراه من قول الله وقول الرسول صلى الله عليه وسلم تعيشه وتفتح قلبك لوعيه وضبطه على نور من الكتاب والسنة. قال الله تعالى: ((إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)) [ق:37] ، وعظة لمن أراد السداد والنجاح والفلاح أن يشرح الله صدره لوعي العلم. المَعْلَمَ الثالث: الورع
وهو غذاء الفتوى وأساسها، فإذا سئلت عن أي أمر لا علم لك به، ولو سُئِلتَ على رؤوس الأشهاد تقول بكل عزة وإباء: الله أعلم [1] [91] ) .
وليكن عندك الفرح أن تقول في المسألة: الله أعلم، أكثر من فرحك أن تجيب عليها؛ لأنك إن قلت: الله أعلم، فقد سَلِمْتَ وسَلِمَ الناسُ منك، وإن قلت فيما لا علم لك فقد تحملت المؤونة [2] [92] ) ، ولذلك قال بعض السلف: حق على من أفتى أن يقيم نفسه بين الجنة والنار، فينظر سبيله فيها، حق واجب وفرض عليه.
ولذلك كان من الداء والمقتلة للإنسان أن يجيب في كل ما سئل عنه؛ لأنه لا بد أن تكون هناك مسائل لم تطمئنّ بعد إلى قول فيها وتفتي به. قال ابن عباس وابن مسعود فيما أثر عنهما: (من هذا الذي يجيب الناس في كل ما سألوه أمجنون هو [3] [93] )) ؟ أي: لا عقل عنده. [1] 91] ) قال في الطلعة:
والزم لِلا أدري إذا ما تسألُ ... ... عن كشف ما لتحقيق فيه تَجْهَلُ
وقال بعضهم:
وإن تقل مالي سوى ذي مرتبهْ
قلنا فما على السكوت مَعْتَبهْ
وكم بِلا أدري أجاب المصطفى
حتى أتى الوحي وإلا وقفا [2] 92] ) أخرج الإمام أبو داود رحمه الله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أفتى بغير علم فإنما إثمه على من أفتاه، ومن أشار على أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه) . [3] 93] ) رواه الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في الجامع بتحقيق الزهيري برقم (2206) (ص:1123) .