كان زين [1] [72] ) العابدين -رحمة الله عليه- علي بن الحسين مع العلم والصلاح والعمل، كان إذا جنّ عليه الليل، لبس ثياباً مبتذلة، وحمل على ظهره الطعام، ومضى به إلى بيوت الأرامل والأيتام، وهو إمام في زمانه، ولم يعلم أحد أن هذا هو زين العابدين، سليل بيت النبوة إلا بعد أن توفي، وفقدوا من كان يقرع عليهم بيوتهم بالصدقات في جوف الليل [2] [73] ) .
وكان الإمام شعبة بن الحجاج بن الورد الذي يقول فيه سفيان الثوري: (أمير المؤمنين في الحديث) ، وكان يهابه ويجلّه، كان شعبة -رحمة الله عليه- لا يردّ سائلاً سأله، حتى إنه دخل عليه رجل وبكى واشتكى أن دابته فُقدت عليه، فسأله كم قيمتها، قال: ثلاثة دنانير، فأدخل يده في جيبه وقال: هذه ثلاثة دنانير، والله لا أملك غيرها [3] [74] ) .
كانوا يُضحّون ويتصدق أحدهم بنصف ماله، بل ربما خرج عن ماله كله؛ لأن العلم إذا أثرّ انكسر القلب لله جل جلاله، فلم يبال بالدنيا جاءت أم ذهبت، والذي ضرنا ركوننا إلى الدنيا.
فالأعمال الصالحة تقرب الإنسان من الله، وتزيده قربة منه سبحانه وتعالى، ولعله تصيبه دعوة تكون مستجابة عند الله سبحانه وتعالى.
وقلّ أن تجد عالماً يحسن إلى الناس إلا وجدته في أعلى المراتب والقبول له كأحسن وأجمل ما يكون له القبول.
جعلنا الله وإياكم ذلك الرجل، وهي مواقف تنبئ عن الرحمة بالمسلمين. الفصل الثالث: معالم في آداب طالب العلم في درسه
المَعْلَمْ الأول: أخذ العلم فنّاً فنّاً.
المَعْلَمْ الثاني: الاجتهاد في ضبط العلم.
المَعْلَمْ الثالث: عدم الاستعجال في النزول للساحة. [1] 72] ) (بتصرف) من محاضرة (وصايا للخريجين) ، للشيخ محمد -حفظه الله-. [2] 73] ) ذكره الحافظ الذهبي رحمه الله في السير. انظر نزهة الفضلاء (7/406) . [3] 74] ) أخرجه الحافظ أبو نعيم رحمه الله بسنده في الحلية (7/146) .