ومما يعين على مكارم الأخلاق أن يوطّن نفسه على سلامة لسانه من أن يوقع بين المسلمين ما يوجب القطيعة بينهم، يكون لسانه يدعو إلى المحبة والألفة والاجتماع كما أمر الله سبحانه وتعالى: ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)) [الحجرات:10] .
فطالب العلم يوطّن نفسه على هذا، لماذا؟ لأنه غداً يقود الناس ويوجّههم ويربيهم، فإذا تربى هو من بداية طلبه للعلم على سلامة صدره، ونقاء سريرته، وحفظِ لسانه من النميمة، فإنه أحرى أن يحفظ الله عز وجل من تَبِعه وسار على نهجه من شرّ ذلك اللسان وزلاّته.
كذلك ينبغي أيضاً أن يبتعد عن الغيبة، قال بعض السلف –رحمة الله عليهم-: (ما اغتبتُ مسلماً منذ أن سمعتُ أن الله ينهى عن الغيبة) .
وإما إذا كنتَ مسترسلاً في غيبة الناس منذ بداية طلبك للعلم، فإنه –نسأل الله السلام والعافية- لا يأمن إذا جلس الناس بين يديك أن تعلّمهم الغيبة، وأن يصبح طلابك وأشياعك وأنصارك على هذه الوتيرة، وعلى هذا المنهج الذي هو زللٌ وخلل، فتمسي وتصبح وحسناتك في صحائف الناس.. نسأل الله السلامة والعافية.
ومن الأخلاق التي ينبغي أن يتحلى بها طالب العلم: التواضع، فيوطّن نفسه على توطئة الكَنَف.. يتواضع للناس.. ويكون قريباً من الناس عامّتهم وخاصّتهم.
قال صلى الله عليه وسلم: (ما تواضع أحد لله إلا رفعه) [1] [55] ) .
وإذا تواضع منذ بدايته للطلب فإنه أحرى أن يكون التواضع سجية فيه، دون تكلف إذا بلغ مبلغ العلماء.
وما أجمل العالم وما أحسنه، وما أكمله وأشرفه، إذا زيّنه صاحبه بالتواضع، فتواضع لعوام المسلمين وقضاء حوائجهم، وتأسى برسول الأمة حينما أمره الله بهذه الخلة الكريمة –صلوات الله وسلامه عليه-، فقال سبحانه: ((وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)) [الشعراء:215] . [1] 55] ) سيأتي تخريجه.