يا طالب العلم.. إنها والله أيام معدودة، وشهور معدودة، وسنوات معدودة، يفارق بعضنا بعضاً، فطوبى لطالب علم آخى إخوانه، نقي السريرة لله عز وجل، ما نظر الله إليه يوماً من الأيام وقد أسكن في قلبه غلاً على أخيه، لا يتهم أحداً، ولا يسيء الظن بأحد، يستجيب لله عز وجل ولوصية النبي صلى الله عليه وسلم.
قال عليه الصلاة والسلام: (إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث) [1] [44] ) .
ثالثها: أن تعامل إخوانك برفق؛ لأن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، فما ازدان طالب العلم بشيء مثل الرفق، خاصة مع إخوانه، ويكون هذا الرفق نابع من المحبة والتقدير والإجلال.
رابعها: إذا لقيت أخاك، هُشّ له وبشّ، فهذه الابتسامة التي تستهين بها قد يثقل الله بها ميزانك، ويعظم الله بها أجرك، فإن البسمة الواحدة للعبد بها صدقة، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) [2] [45] ) .
فلا يليق بطالب العلم أن يمرّ على إخوانه ولا يهشّ في وجوههم، ولا يسلم السلام الذي هو من دلائل الإيمان، ومن موجبات المحبة ودخول الجنان، كيف يقف طالب العلم غداً أمام الناس يقول لهم: أفشوا السلام، وهو لا يُفشيه، ولذلك أول ما قدم النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة، والأوس والخزرج بينهم العداوة، أول ما قال: (أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلوا الأرحام، وصلّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام) [3] [46] ) .
فإن أحببت أن تدخل الجنة بسلام، فأفش السلام، وهشّ لأخيك وبشّ. [1] 44] ) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. [2] 45] ) رواه الإمام مسلم رحمه الله من حديث أبي ذر رضي الله عنه. [3] 46] ) رواه الإمام الترمذي رحمه الله من حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه، وصححه.