فبعض الناس قد يعجز أثناء درسه عن إباحة كل ما في نفسه من علم، ويكون علمه مختبئاً، لا يظهر إلا إذا أمسك قلمه، والبعض العكس، وبعض العلماء جمع الله له بين التدريس والتأليف، وهذا موجود في كتب التراجم، تجد بعضهم أثني عليه في التدريس، ولم يُثن عليه في التأليف؛ ولذلك اليوم تجد البعض من العلماء وعاء من أوعية العلم، حافظاً يستحضر الشتات في المسألة، لكن لو سألته عن نازلة، لا يحسن الفتوى فيها، ولله تعالى في خلقه شؤون وحِكم.
ولا مانع أن تؤلف وتنفع إخوانك، ولو أخذت كتاباً من كتب السلف، أخرجته للنور -تحتسب عند الله الأجر، ويكون لك مثل أجر مؤلفه ووفاءً لحقهم علينا- لكان أجدى من هذا الزخم الموجود في المكتبات، والذي لا نحتاجه.
السؤال الحادي عشر
نرجو من فضيلة شيخنا الكريم أن يعطينا بعض الأشياء عن حياة والده وبعض المواقف من سيرته [1] [158] ) ؟
الجواب:
هذا سؤال مفاجئ، والشخص إذا فوجئ بالسؤال لا يستحضر، لكن من أهم الأمور التي كنت ألمسها في الوالد -رحمة الله عليه-:
أ- قضية إخلاص العمل لله جل جلاله. أذكر أني ذات مرة راجعته في مسألة فيها دخلٌ من الدنيا، فقال لي كلمة قد يقولها عوام الناس، ولكن والله كان لها عظيم الأثر في قلبي إلى الآن، قال: يا بني.. إن الله عليم بذات الصدور - أي بحقائقها من إرادة وجهه أو إرادة الدنيا -، فقال: بذات الصدور، والله هذه الكلمة إلى الآن في قلبي، كل ما وجدت شيئاً من دخل الدنيا تذكرتها. [1] 158] ) من محاضرة (وصايا لطالب العلم) ، و (بتصرف) من محاضرة (قبسات من حياة النبي صلى الله عليه وسلم) ، ألقيت في الدمام بتاريخ 5/6/1412هـ.