ب-أن توجد الحاجة لهذا التأليف: وهي من علامات وثمرات الإخلاص وإرادة وجه الله، أما إذا لم توجد حاجة، فلماذا يؤلف الإنسان! وما وجد هذا الزخم والغثاء في التآليف المعاصرة إلا حين فُقد هذا الشرط، وصار كل من اشتهى ألّف، ولذلك انظر إلى السلف الصالح -رحمة الله عليهم- ما كانوا يؤلفون حتى يلحّ عليهم في الطلب ويسألوا [1] [154] ) .
ولله أمر عجيب: أن ترى من يؤلف اليوم في مسالة قُتِلَت بحثاً من علماء سلفنا الصالح -رحمة الله عليهم-، وأنهوا الكلام فيها واستوعبوها بحثاً، وكفونا فيها المؤنة.
فيأتي هذا ويقول: أحكام الوضوء، والثاني يؤلف في أحكام السواك أو الطهارة، وكلها مسائل ليست طارئة أو نازلة، بل ربما من المسائل التي هي من الفروع الواضحة، والتي قلّ أن يخلو منها كتاب.
فيأتي هذا -وليته يكتفي بالنقل المقيد-، لا.. بل المصيبة أنه يجمع من كتب بعض المذاهب الزلات والهنات، ويطلق لسانه بالسب والشتم والثلب وانتقاص العلماء، وربما نقل عبارة لكي يعلق عليها بصفحات يثرب فيها على من ألف قبله، وهذا خطأ، وإلا لما ألّف أحد [2] [155] ) . نسأل الله السلامة والعافية.
بل ربما نصَّب نفسه حكماً بين فحول الأئمة والعلماء، كالإمام أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد -رحمة الله عليهم-. [1] 154] ) انظر مقدمة كل من: الإمام مسلم رحمه الله لصحيحه، وخليل صاحب المختصر، وعمدة الأحكام، وشرح منتهى الإرادات للبهوتي - فقد صرحوا في مقدماتهم بأن من سبب تأليفهم الإلحاح عليهم والطلب في التأليف-، ونظم العمريطي، للورقات حيث قال:
وقد سئلت مدة في نظمه
مسهلاً لحفظه وفهمه
فلم أجد مما سُئلت بُدا
وقد شرعت في مستمدا
وقال الشيخ حافظ حكمي رحمه الله في مقدمة سلم الوصول:
سألني إياه من لا بدّ لي ... ... ... من امتثال سؤله الممتثل [2] 155] ) قال بعض الفضلاء:
الناس لم يؤلفوا في العلم
حتى يكونوا غرضاً للذم
ما ألفوا إلا ابتغاء الأجر
والحسنات وجميل الذكر