وهذا من فهمهم عن الله وارتباطهم بالكتاب والسنة، تجد الواحد منهم يقوم بهذا القرآن في ثلاث ليال. يختمونه فتمرّ بهم المسائل، ناهيك عن ورعهم وخوفهم من التقوّل على الله، وارتباطهم بالله، واستلهامهم منه التوفيق والسداد [1] [141] ) ، والمقصود أن الذي يريد أن يضبط الفقه يضبطه بالأصول، ويتقيد بها دون تعصب ولا جمود، في مرحلية ينتقل إلى ما بعدها حتى يصل إلى مرتبة الاجتهاد.
كل ذلك بإخلاص وتعظيم لعلماء السلف، ومعرفة حقهم وعظيم فضلهم علينا.
فكم من قول ربما سخر طالب العلم منه واستهجنه واستبعده، يتبيّن له فيما بعد أنه الصواب، أو يتبيّن وجهه ودليله الذي يعذر به صاحبه أمام الله جل وعلا. [1] 141] ) ذكر الشيخ علي القارئ رحمه الله في كتابه الطبقات (أن الإمام أبا حنيفة رحمه الله كان إذا أشكلت عليه مسألة قال لنفسه: ما هذا إلا لذنب أحدثته، فيبدأ يستغفر الله، أو يقوم يصلي، ويتضرع لربه ويدعو مولاه، فيفتحها الله عليه، فيقول: أرجو أن يكون قد تاب الله عليّ – أي: لأن تفهيمه لي السمألة مظنة توبته عليّ -، فبلغ ذلك الفضيل بن عياض، فبكى بكاءً شديداً، وقال: ذلك لقلة ذنوبه، أما غيره فلا ينتبه لذلك) اهـ. من طبقات الحنفية، للشيخ علي القارئ (2/478) نقلاً عن كتاب كيف نتحمس لطلب العلم الشرعي، لمحمد بن صالح آل عبد الله.