إذا أصبح النصح والنقد فيه هوى وإشفاء غيظ، صار أقرب إلى الإثم منه إلى الأجر، فقد تجد شاباً حديث عهد بالتزام لو عرضت له شهوة لانتكسَ، وهو يتكلم في عالم، وقد كفاه غيره من أهل العلم بيان الخطأ الذي أخطأ فيه ذلك العالم، ما الذي أدخل أمثال هؤلاء أن يتكلموا في العلماء ويقولون: الشيخ فلان يؤخذ عليه كذا وكذا، وقد تكون المسألة من المسائل الفرعية التي يعذر فيها بنصّ أو حجة، هذا أمر خطير جداً، وبهذه الجرأة تضيع الأمة، ويفلت الزمام، وتذهب حقوق العلماء والدعاة والصالحين والأخيار، حين يتسلط من لا خوف ولا ورع له، والمقصود: أن من علم أنه من أهل النقد والاستدراك على العلماء، فليتقدم أو يتأخر، المهم أن يريد وجه الله، ويعلم ما يجيب به الله إذا سأله عن الكلام في فلان أو علاّن..
كم من شاب يُمضي أيامه ولياليه في النقد والتجريح بغير الحق، ولو سألته عن صحة وضوء من توضأ ولم يتمضمض لَمَا علم لها جواباً، فينبغي للإنسان أن يشتغل فيما يعنيه عن ما لا يعنيه، وقد ورد في الخبر أنه: (لا تقوم الساعة حتى يلعن آخر هذه الأمة أولها [1] [112] )) ، ولن يكون اللعن حتى يكون الاحتقار والازدراء، وهذه هُوّة سحيقة أن يتربى الشباب على الحقد على الدعاة والعلماء الأحياء، ثم ينتقل الدور إلى سلف الأمة، ثم تحرق كتبهم، ويكون ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من ظهور الشر وغلبته، وعندها تقوم الساعة فللجنة طلابها، وللنار طلابها -والعياذ بالله-، ونسأل الله أن يجنبنا هذه المهالك والمزالق. [1] 112] ) أخرجه الإمام الطبراني رحمه الله من حديث عوف بن مالك الأشجعي، وقال الهيثمي: فيه عبد الحميد بن إبراهيم وثقه ابن حبان وهو ضعيف، وفيه جماعة لم أعرفهم. اهـ. مختصراً من: إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة (1/348) للشيخ الفاضل حمود التويجري رحمه الله.