اسم الکتاب : مشكاة الأنوار المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 87
ولا معنى لذكر آحاد الفِرَق بعد وقوع التنبيه على الأجناس. ويدخل في جملة هؤلاء جماعة يقولون بلسانهم "لا إله إلا الله"، لكن ربما حملهم على ذلك خوف أو استظهار بالمسلمين وتجمل بهم أو استمداد من مالهم؛ أو لأجل التعصب لنصرة مذهب الآباء. فهؤلاء إذا لم تحملهم هذه الكلمة على العمل الصالح فلا تخرجهم الكلمة من الظلمات إلى النور، بل "أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات". أما من أثرت فيه الكلمة بحيث ساءته سيئته وسرته حسنته فهو خارج عن محض الظلمة وإن كان كثير المعصية.
القسم الثاني
طائفة حجبوا بنور مقرون بظلمة وهم ثلاثة أصناف: صنف منشأ ظلمتهم من الحس، وصنف منشأ ظلمتهم من الخيال، وصنف منشأ ظلمتهم من مقايسات عقلية فاسدة.
الصنف الأول المحجوبون بالظلمة الحسية، وهم طوائف لا يخلو واحد منهم عن مجاوزة الالتفات إلى نفسه وعن التأله والتشوف إلى معرفة ربه. وأول درجاتهم عبدة الأوثان وآخرهم الثنوية، وبينهما درجات. فالطائفة الأولى عبدة الأوثان: علموا على الجملة أن لهم رباً يلزمهم إيثاره على نفوسهم المظلمة، واعتقدوا أن ربهم أعز من كل شىء (و 20 ـ ا) ولكن حجبتهم ظلمة الحس على أن يجاوزوا العالم المحسوس فاتخذوا من أنفس الجواهر كالذهب والفضة والياقوت أشخاصاً مصورة بأحسن الصور واتخذوها آلهة. فهؤلاء محجوبون بنور العزة والجمال. والعزة والجمال من صفات الله وأنواره، ولكنهم ألصقوها بالأجسام
اسم الکتاب : مشكاة الأنوار المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 87