responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : لطائف المعارف المؤلف : ابن رجب الحنبلي    الجزء : 1  صفحة : 161
رائحة ما يتصاعد منه من الأبخرة لخلو المعدة من الطعام بالصيام وهي رائحة مستكرهة في مشام الناس في الدنيا لكنها طيبة عند الله حيث كانت ناشئة عن طاعته وابتغاء مرضاته كما أن دم الشهيد يجيء يوم القيامة يثغب دما لونه لون الدم وريحه ريح المسك وبهذا استدل من كره السواك للصائم أو لم يستحبه من العلماء وأول من علمناه استدل بذلك عطاء بن أبي رباح وروي عن أبي هريرة: أنه استدل به لكن من وجه لا يثبت وفي المسألة خلاف مشهور بين العلماء وإنما كرهه من كرهه في آخر نهار الصوم لأنه وقت خلو المعدة وتصاعد الأبخرة وهل وقت الكراهة بصلاة العصر؟ أو بزوال الشمس؟ أو بفعل صلاة الظهر في أول وقتها؟ على أقوال ثلاثة: والثالث: هو المنصوص عن أحمد.
وفي طيب ريح خلوف الصائم عند الله عز وجل معنيان:
أحدهما: أن الصيام لما كان سرا بين العبد وبين ربه في الدنيا أظهره الله في الآخرة علانية للخلق ليشتهر بذلك أهل الصيام ويعرفون بصيامهم بين الناس جزاء لإخفائهم صيامهم في الدنيا وروى أبو الشيخ الأصبهاني بإسناد فيه ضعف عن أنس مرفوعا: "يخرج الصائمون من قبورهم يعرفون بريح أفواههم أفواههم أطيب من ريح المسك".
قال مكحول: يروح أهل الجنة برائحة فيقولون: ربنا ما وجدنا ريحا منذ دخلنا الجنة أطيب من هذه الريح فيقال: هذه رائحة أفواه الصوام وقد تفوح رائحة الصيام في الدنيا وتستنشق قبل الآخرة وهو نوعان:
أحدهما: ما يدرك بالحواس الظاهرة كان عبد الله بن غالب من العباد المجتهدين في الصلاة والصيام فلما دفن كان يفوح من تراب قبره رائحة المسك فرؤي في المنام فسئل عن تلك الرائحة التي توجد من قبره فقال: تلك رائحة التلاوة والظمأ.
والنوع الثاني: ما تستنشقه الأرواح والقلوب فيوجب ذلك للصائمين المخلصين المودة والمحبة في قلوب المؤمنين وحديث الحارث الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن زكريا عليه السلام قال لبني إسرائيل: آمركم بالصيام فإن مثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرة فيها مسك فكلهم تعجبه ريحه وأن ريح الصيام أطيب عند الله من ريح المسك" خرجه الترمذي وغيره.
لما كان أمر المخلصين بصيامهم لمولاهم سرا بينه وبينهم أظهر الله سرهم لعباده فصار علانية فصار هذا التجلي والإظهار جزاء لذلك الصون والإسرار في

اسم الکتاب : لطائف المعارف المؤلف : ابن رجب الحنبلي    الجزء : 1  صفحة : 161
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست