اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي الجزء : 1 صفحة : 98
ومنه قوله: (الَّذينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ الله أَوْلِيَاءً) العنكبوت: 41، ما نعبدهم مضمره يقولون ما نعبدهم ومثله فظلتم تفكرون إنّا لمغرمون أي يقولون إنّا لمغرمون وعلى هذا المعنى وجه قوله: (فَمَالِ هؤُلاَء الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُون حَدِيثاً) النساء: 78 ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك، المعنى فيه يقولون: ما أصابك على معنى الإخبار عنهم والذم لهم فهلكت بذلك القدرية لجهلهم بعلم العربية فظنوا أنه ابتداء شرع وبيان من الله عزّ وجلّ وقد أحكم الله عزّ وجلّ ابتداء شرعه وبيانه بأوّل الآية في قوله: (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ الله) النساء: 78، وقد كان ابن عباس يقول إذا اشتبه عليكم شيء من القرآن فالتمسوه في كلام العرب فإن الرجل يتلو الآية فيعيا بوجهها فيكفره وقرأتها في مصحف عبد الله بن مسعود فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً قالوا ما أصابك من حسنة فهذا كما أنبأتك وقد رأيت في مصحف عبد الله والذين اتخذوا من دونه أولياء قالوا ما نعبدهم فهذا من ذلك، ومن المضمر قوله تعالى: (وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً في الأَرْضِ يَخْلُفُونَ) الزخرف: 60 ليس أنه يجعل من البشر ملائكة ولكن معناه لجعلنا بدلاً منكم ملائكة ويصلح لجعلنا بدلكم بمعنى منكم، ومن المبدل له قوله عزّ وجلّ: (وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) المؤمنون: 61 اللام بدل من الباء المعنى وهم بها سابقون لأنهم لو سبقوها لفاتتهم، وعلى هذا المعنى قال بعضهم إن قوله عزّ وجلّ: (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) الأعراف: 143، أي بالجبل كان الجبل حجاباً لموسى فكشفه عنه فتجلّى به كما قال من الشجرة أن يا موسى إنني أنا الله فكانت الشجرة وجهة لموسى كلمه الله عزّ وجلّ منها ومثله: (وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ في جُذُوعِ النَّخْلِ) طه: 71 معناه على جذوع، وكذلك: (فَلا تَجْعَلْني فِي القَوْمِ الظَّالِمين) المؤمنون: 94 معناه أي مع القوم وبمعناه: (أمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فيه) الطور: 38 أي عليه ويصلح به وكذلك قوله: (مُسْتَكْبرينَ بِهِ) المؤمنون: 67 أي عنه يعني عن القرآن، فعلى هذا مجاز قوله تعالى: (فَاسْألْ بِهِ خَبيراً) الفرقان: 59 أي سل عنه، فحروف العوامل يقوم بعضها مقام بعض، ومثله قوله: (السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بهِ) المزمل: 18 أي فيه يعني في اليوم مثله: (لَئِلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌْ إلاَّ الَّذينَ ظَلَمُوا) البقرة: 150 معناه ولا الذين ظلموا فأبدلت إلا بقوله ولا يجوز أن تكون إلا مستأنفة بمعنى لكن الذين ظلموا متصلة بخبرها من قوله: (فَلا تَخْشَوْهُمْ) البقرة: 150 فهو بمعنى قوله: (لاَ يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) (إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ) النمل: 10 - 11، أي لكن من ظلم ثم بدل حسناً بعد سوء فيكون مبتدأ لذكر خبرها بعد وبمعناه قوله تعالى: (وَلاَ تأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إلى أَمْوَالِكُم) النساء: 2، أي مع أموالكم وكذلك قوله: (وَأَيْدِيَكُمْ إلى الْمَرَافِقِ) المائدة: 6 أي مع المرافق لأنها داخلة في الغسل والحروف العوامل تنوب بعضها عن بعض ولو أظهر مثل هذا المضمر ووصل مثل هذا المحذوف لكانت القراءة ضعيفة.
اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي الجزء : 1 صفحة : 98