responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 87
القرآن والحاآت مقاصيره والمسبحات عرائس القرآن والحواميم ديباج القرآن والمفصل رياضه والخانات ما سوى ذلك، فإذا جال المريد في الميادين وقطف من البساتين ودخل المقاصير وشهد العرائس ولبس الديباج وتنزه في الرياض وسكن غرف الخانات اقتطعه وأوقفه ما يراه وشغله الشاهد به عما سواه.
وروي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قرأ بسم الله الرحمن الرحيم فرددها عشرين مرة وكان له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل ورده فهم، ومن كل كلمة علم، فينبغي أن يكون قلب التالي بوصف كل كلمة يتلوها مشاهداً لمعناها إلى ما يفتح الله عزّ وجلّ له من المزيد عليها من مجاورتها ومع ما يفهم بها من غيرها ويشهد غيرها منها فقد كان بعضهم يقول: كل آية لا أتفهمها ولا يكون قلبي فيها لم أعد لها ثواباً، وكان بعض السلف إذا قرأ السورة ولم يكن قلبه فيها أعادها ثانية، فإذا مرّ بتسبيح وتكبير سبّح وكبّر، وإن مرّ بدعاء واستغفار دعا واستغفر، وإن مرّ بمخوف ومرجو استعاذ وسأل، فذلك معنى قوله عزّ وجلّ: (يَتْلُونَهُ حقَّ تِلاَوَتِه) البقرة: 121، وكذلك كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تلاوته وعلى هذا المعنى ما روي في الخبر من أراد أن يقرأ القرآن غضاً كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد أي على معنى تلاوته لأنه كان يقرأ بقلب شهيد وسمع عتيد وبصر حديد فكان يتلو القرآن على معاني الكلام وعلى شهادة وصف المتكلم الوعيد منه بالتحزين والوعد بالتشويق والوعظ بالتخويف والإنذار بالتشديد والتفسير بالترقيق والتبشير بالتوفيق لأنه كان عالماً بصفات المتكلم واجد الذوق الكلم، فمثل هذا العبد أحسن الناس صوتاً بالقرآن كما جاء في الخبر: أحسن الناس صوتاً بالقرآن من إذا قرأ رأيت أنه يخشى الله، ومن هذا قيل إذا قرأتم القرآن فابكوا وإن لم تبكوا فتباكوا، ومثل هذا أن القرآن نزل بحزن فإذا قرأتموه فتحازنوا أي أن القرآن لما فيه من التهديد والوعيد والوثائق والعهود يوجب البكاء والحزن، فإن لم تحزنوا وجداً ولم تبكوا نفساً يقيناً فتباكوا وتحازنوا لفظاً لأجل التصديق والإقرار به، فندبهم إلى التحازن في التلاوة والتباكي ليجتمع همّ العبد في المتلو فيتدبر الكلام عسى أن يكون قلبه بمعناه فيكون التباكي والتحزين سبباً لجمع همّه وفراغ قلبه، لأن المتباكي الصادق مجتمع الهمّ فيما يبكيه والحزين حاضر القلب مجموع الفكر ومشغول عن سوى مبكيه، من ذلك ما روينا عن ابن عباس إذا قرأتم سجدة سبحان فلا تعجلوا بالسجود حتى تبكوا، فإن لم تبكِ عين أحدكم فليبكِ قلبه فبكاء القلب حزنه وخشيته، أي فإن لم تبكوا بكاء العلماء عن الفهم فتحزن قلوبكم على فقد البكاء وليخشَ كيف لم يوجد فيكم وصف أهل العلم، وقد روينا في غرائب التفسير من معنى قوله تعالى: (وَإنَّ مِنَ الحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ) البقرة: 74 قال: هي العين الكثيرة البكاء (وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ

اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 87
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست