responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 438
الله تعالى قال وهب بن منبه لابن عباس: إنّا نجد في التوراة أن الفقير المصلح خير من الغني المصلح، قال ابن عباس: أما علمت أنه لا شيء أحبّ إلى الله تعالى من الفقير إذا كان صالحًا وقيل: كان أحبّ الأسماء إلى عيسى عليه السلام أن يدعى به أن يقال له يا مسكين وكان يقول: من شرّ الغنى أن العبد يعصي ليستغني ولا يعصي ليفتقر، وقد قال بعض حكمائنا في كلام منظوم:
يا عائباً للفقر تبغي الغنى ... عيب الغنى أعظم لو تعتبر
إنك تعصي لتنال الغنى ... ولست تعصي الله كي تفتقر
وروينا في حديث عطاء عن أبي سعيد الخدري: يا أيها الناس لا تحملنّكم العسرة والفاقة على أن تطلبوا الرزق من غير حلّه فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: اللهم توفّني فقيرًا ولا توفّني غنيّاً واحشرني في زمرة المساكين، وقال لقمان لابنه: يا بني إن من أعون الأخلاق على صلاح الدين زهداً في الدنيا، من يزهد في الدنيا يرغب فيما عند الله تعالى، ومن يرغب فيما عند الله تعالى يعمل لله تعالى، ومن يعمل الله تعالى يأجره الله تعالى، وقال الحواريون: يا روح الله نحن نصلّي كما تصلي ونصوم كما تصوم ونذكر الله تعالى كما أمرتنا ولا نقدر نمشي على الماء كما تمشي أنت، فقال: أخبروني كيف حبّكم للدنيا قالوا: إنّا لنحبها فقال: إن حبّها يفسد الدين لكنها عندي بمنزلة الحجر والمدر، وفي خبر آخر: إنه رفع حجراً فقال: أيهما أحبّ إليكم هذا أو الدنيار والدرهم؟ قالوا الدنيار، قال: فإنهما عندي سواء ويقال إن من صحّ زهده في الدنيا حتى يستوي عنده الذهب والحجر مشى على الماء وقد اشتهر ذلك في العامة حتى قال الشاعر:
لو كان زهدك في الدنيا كزهدك في ... وصلي مشيت بلا شكّ على الماء
وروينا أن عيسى عليه السلام مرّ في سياحته برجل نائم ملتفّ في عباءة فأيقظه وقال: قم يا نائم فاذكر الله تعالى فقال: ما تريد مني؟ إني قد تركت الدنيا لأهلها فقال له عيسى عليه السلام: نم حبيبي إذًا نم، وروينا عن موسى عليه السلام أنه مرّ برجل نائم على التراب وتحت رأسه لبنة ووجهه ولحيته في التراب وهو متّزر بشمل عباءة فقال: يا ربّ عبدك هذا في الدنيا ضائع، فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى أما علمت أني إذا نظرت إلى عبدي بوجهي كله زويت عنه الدنيا كلّها، وأوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيّه إسماعيل عليه السلام: اطلبني عند المنكسرة قلوبهم قال يا ربّ ومن هم قال الفقراء الصادقون، فهذا كأنه مفسّر لخبر موسى عليه السلام في وقوله أين أجدك قال: عند المنكسرة قلوبهم

اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 438
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست