responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 407
تعالى مني فابغض الدرهم، وكذلك جاء في الخبر: الدنيا موقوفة منذ خلقها الله تعالى بين السماء والأرض لا ينظر إليها فتقول يوم القيامة: ياربّ اجعلني لأدنى أوليائك نصيبًا اليوم فيقول: اسكتي يا لا شيء أنا لم أرضك لهم في الدنيا أرضاك لهم اليوم وقال بعض السلف الدنيا دنيئة وأدنى منها قلب من يحبّها.
وروي عن عليّ كرّم الله وجهه: الدنيا جيفة، فمن أرادها فليصبر على مزاحمة الكلاب، وفي أخبار موسى عليه السلام: إن لم تلق الفقير بمثل ما تلقى به الغني فاجعل كل علم علمتك تحت التراب وإذا رأيت الفقر مقبلاً فقل: مرحبًا بشعار الصالحين وإذا رأيت الغنى مقبلاً فقل: ذنب عجلت عقوبته، وقال إمامنا أبومحمد رحمه الله تعالى وروينا عن بعض علمائنا في أخبار داود عليه السلام: إني خلقت محمدًا لأجلي وخلقت آدم لأجل محمد وخلقت ما خلقت لأجل ولد آدم، فمن اشتغل منهم بما خلقته لأجله حجبته عني ومن اشتغل منهم بي سقت إليه ما خلقته لأجله، وكان يقول: الصديقون في بداياتهم طلبوا الدنيا من الله تعالى فمنعهم فلما تمكّنوا من أحوالهم عرضها عليهم فامتنعوا منها، وكان عيسى عليه السلام يقول للدنيا: إليك عني ياخنزيرة، وقد روينا هذا القول عن يزيد بن ميسرة، وكان من علماء الشام قال: كان أشياخنا يسمّون الدنيا خنزيرة ولو وجدوا لها اسّماً شرَّا من هذا سموها به قال: وكانت إذا أقبلت على أحدهم الدنيا قال لها: إليك عنّا يا خنزيرة، لا حاجة لنا بك إنّا قد عرفنا إلهنا عزّ وجلّ معناه قد عرفناه بلا ابتلاء بك لينظر كيف نعمل في الزهد فيك والأثرة له سبحانه وتعالى، وعرفناه أيًضا بالمقت لك فوافقناه في ذلك وعرفناه أيضًا فتألهت قلوبنا إليه أعرضنا عمّا سواه، وكذلك كان الحسن رحمه الله تعالى يصف أشياخه كان أحدهم يعرض عليه المال الحلال فيقال: خذه فاستغن به فيقول لا حاجة لي فيه أخاف أن يفسد على قلبي فهذا كان له قلب صالح راعاه فخاف تغيّره كذلك.
روينا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنه مرّ بجدي ميت أجرب فقال: أترون هذا هان على أهله قلنا: يا رسول الله من هو؟ إنه ألقوه فقال للدنيا أهون على الله تعالى من هذا على أهله، وفي لفظ آخر: أنه قال: أيكم يحبّ أن هذا له بدرهم قلنا: لا أينا وأي شيء يساوي هذا؟ قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الدنيا أهون على الله تعالى من هذا عليكم، وكذلك أخبر بالغاية في قلتها وعدم قيمتها بقوله: ولو كانت الدنيا تزن عند الله تعالى جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة ماء، وضرب المثل في نتنها وانقلابها على أهلها بقوله للأعرابي: أرأيت ما تأكلون وتشربون ألستم تتغوطون وتبولون؟ قال: بلى، قال: فإلى أي شيء يصير؟ قال: إلى ما علمت يا رسول الله قال أليس يقعد أحدكم خلف بيته فيجعل يده على أنفه من نتن ريحه، قال: نعم قال: فإن الله تعالى جعل الدنيا مثلاً لما يخرج من ابن آدم،

اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 407
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست