اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي الجزء : 1 صفحة : 40
ليلة بني إسرائيل والزمر، والقريب منها أنه كان يقرأ المسبحات في كل ليلة ويقول فيها إنه أفضل من ألف آية، قال: وكان العلماء يجعلونها ستاً ويزيدون فيها (سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى) الأعلى: 1 وفي الخبر: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحب (سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى) الأعلى: 1 فهذا يدل على أنه كان يكثر قراءتها ولا يدع أن يقرأ هذه الأربع سور في كل ليلة سورة يس، وسورة لقمان، وسورة الدخان، وتبارك الملك فإن ضم إليها سورة الواقعة، وسورة الصف، والحاقة، والزمر، فقد أكثر وأحسن فإن لم يكن من عبادته القيام من الليل قدم الوتر بنية الخبر المروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا أنام إلا على وتر، وإن كان معتاداً لصلاة الليل فالأفضل تأخير الوتر إلى آخر صلاته من تهجده أو إلى السحر على حديث ابن عمر رضي الله عنه: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بركعة، وفي حديث عائشة رضي الله عنها: أوتر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أول الليل ومن أوسطه ومن آخره وانتهى وتره إلى السحر، فإن نام على وتر ورزق القيام لم يوتر بعده وكفاه وتره الأول على الخبر الذي جاء: لا وتران في ليلة، وقد قال بعض العلماء: يصلي ركعة واحدة يشفع بها وتره من أول الليل ثم يصلي صلاته من الليل ويوتر آخر صلاته، وقد روي في هذا أثر عن عثمان وعلي رضي الله عنهما، وإن كان قد صلّى ركعتين من جلوس بعد وتره الأول ثم استيقظ للصلاة شفعتا وتره الركعة الواحدة لأنهما بمنزلة ركعة واحدة يشفع بها ركعة الوتر التي صلاها قبلها، ثم ليصل من الليل مستأنفاً ما بدا له ثم يوتره بركعة واحدة في آخر صلاته فيكون له في ذلك ثلاثة أعمال: قصر الأمل، وتحصيل الوتر، والوتر من آخر الليل، وكذلك كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي ركعتين جالساً بعد وتره والله تعالى أعلم، فليقرأ فيهما جالساً بسورة الزلزلة وسورة ألهاكم التكاثر فقد جاء ذلك في حديثين: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ فيهما بذلك لما في الزلزلة والتكاثر من التخويف والوعظ، وفي رواية قل يا أيها الكافرون لما في سورة الكافرون من التنزيه من عبادة سوى المعبود وإفراد العبادة لله سبحانه فيها بالتوحيد، وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ بها عند النوم وأوصى رجلاً بقراءتها عند منامه وتقديم الوتر مستحب لمن لم يكن عادته قيام الليل ولمن كان الأغلب عليه النوم وتأخير الوتر يكون لمن أخر صلاته قبل طلوع الفجر أفضل وليقل بعد التسليم من الوتر: سبحان الملك القدوس رب الملائكة والروح جللت السموات والأرض بالعظمة والجبروت وتعززت بالقدرة وقهرت العباد بالموت، يقول هذا ثلاث مرات وهذا هو الورد الثاني من الليل أعني الصلاة بعد العشاء الآخرة إلى حد نومة الناس فقد أقسم الله عزّ وجلّ في قوله: (وَالليْلِ وَمَا وَسَقَ) الانشقاق: 71، أي وما جمع من ظلمته وذكره الله عزّ وجلّ في قوله: (إلى غَسَقِ اللَّيْلِ) الإسراء: 87، فهناك يغسق الليل وتستوسق ظلمته ثم ينام إن أحب وهو على طهارة وعن ذكر،
اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي الجزء : 1 صفحة : 40