responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 399
مَعْلُومٌ) الصافات: 41 ومثل الأقوياء من العالمين أولي البصائر والتمكين مثل الصابرين الذين يؤتون أجرهم بغير حساب وهعلماء الموقنين ينقلون في مقامات اليقين بمقتضى أحكامها من مقام خوف إلى مقام رجاء مثله، فإذا عملوا في هذه المقامات بما يقتضيهم رفعوا إلى ما فوقها من مقام رجاء إلى مقام رجاء، هو خيرمنه، ومن حال خوف إلى حال خوف أشرف منه، ثم ينتقلون من مقامات الإشفاق إلى حال الإشتياق ومن أحوال الوجل والإحتراق إلى مقام التملّق والطمأنينة، ومن حال الفزع إلى مقام الأنس ومن الإبعاد والوحشة والتهويل إلى الرضا والمحبة والتأميل، فهذا مكن فضلهم على من وقف في مقامه لم يجاوزه من العموم، ومن استتر بحاله وقام في ظلّ فلم يعطعه إلى ظل ممدود فوقه ولم يرفع منه إلى محل رفيع أعلاه ومثل الخائفين من المؤمنين مثل الكروبيين من الملائكة، ومثل الراجين من المحبين؛ كمثل الروحانيين من المقرّبين، وأصل الرجاء وتفضيله أن عند العلماء بالله تعالى من عظيم الرجاء ما يضاهي عظيم الخوف، فيعدل البنية ويحكم بين المقامين بالسوية، فلا يبدو على قلوبهم بادٍ من الخوف عن مشاهدة وصف من الصفات المخوفة تكربهم إلا طلع طالع وراء من عظيم الرجاء أشهد خلقًامن الأخلاق اللطيفة تروحهم ولا يطرأ على قلوبهم طارئ من الخوف، يهربون منه إلا بدا عليهم بادٍ من الرجاء يأنسون به إليه فتعتدل صفاتهم وتستوي مقاماتهم عن معاينة معنى من معاني صفاته لا ستواء كمال ذاته فتكون قلوبهم كلسان الميزان بين الخوف والرجاء، وتكون كالطائر مقوّمًا بين جناحيه عن شهود وصف وخلق اقتضاء ظهور البلاء والنعماء، فيحمل الخوف الرجاء، ويستولي يالرجاء على الخوف ويفيضان معًا في سعة القلب وقوّته، فيغيبان فيه لأنه قوي بقوي ووسع بواسع وقادر بمقتدر، وينفرد الهمّ عن المعنيين فيقف بمشاهدة منفرد فيحكم عليه ما به أفرد، ومن هذا قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بك أحول وبك أقول وبك أصول؛ ومن ذلك قوله في علوّ شهادته ونفاذ علمه من كونه بشاهده أعوذ بك منك، ومثله قوله:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
فهذا نطق عن وجد في مقام البقاء بعد، فقد حال الفناء هنالك سمع قول الباقي المغني: (كل من عليها فانٍ ويبقى وجه ربك) الرحمن: 26 - 27 ومن ذلك الأثر المشهور عن الله سبحانه وتعالى: لم تسعني سمائي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن

اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 399
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست