responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 364
أن تنكره؟ قال: فإن لقن الله تعالى العبد حجته قال: ياربّ رجوتك وخفت الناس، قال: لقد غفرت له، وفي الخبرالمشهور: أن رجلاً كان يداين الناس فيسمح لهم ويتجاوز عن المعسر فلقي اللّّ تعالى ولم يعمل خيراً قط، فقال اللّّه تعالى سبحانه وتعالى: نحن أحقّ بذلك منك قال: فغفر له برجائه وظنه، ثم يتفاوت الراجون في فضائل الرجاء، فالمقرّبون منهم رجوا النصيب الأعلى من القرب والمجالسة والتجلّي بمعاني الصفات مما عرفوه؛ وهذا عن علمهم به وأصحاب اليمين من الراجين رجوا النصيب الأوفر من مزيده والفضل الأجزل من عطائه يقيناً بما وعد، ومن الرجاء: انشراح الصدر بأعمال البّر وسرعة السبق والمبادرة بها خوف فوتها ورجاء قبولها، ثم مهاجرة السوء ومجاهدة النفس رجاء انتجاز الموعور وتقرّباً إلى الرحيم الودود، ومنه قول أصدق القائلين: (إنَّ الَّذينَ آمَنُواوالََّذينَ هَاجرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ) البقرة: 218 وفسّر رسول اللّّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المهاجرة والمجاهدة فقال المهاجر: من هجر السوء، والمجاهد: من جاهد نفسه في الله تعالى، وأقام الصلاة التي هي خدمة المعبود، وبذل المال سرّاً وعلانيّةً وقليلاً وكثيراً، وأن لا يشتغل عن ذلك بتجارة الدنيا، كما وصف الله سبحانه وتعالى المحقّقين من الراجين إذ يقول عزّ من قائل: (إنَّ الَّذينَ يَتْلُونَ كِتَابَ الله وأقَامُوا الْصَّلاة وَأنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعلانِيَة يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُور) فاطر: 29
ومن الرجاء القنوت في ساعات الليل؛ وهو طول القيام للتهجّد، والدعاء عند تجافي الجنوب عن المضاجع لما وقر في القلوب من المخاوف، ولذلك وصف الله الراجين بهذا في قوله تعالى: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ الَّليْل سَاجِداً وقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَة وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوي الَّذينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذينَ لا يَعْلمُون) الزمر: 9 فسمّى أهل الرجاء والحذر وأهل التهجّد آناء الليل علماء، وحصل من دليل الكلام: أن من لم يخف ولم يرج غير عالم لنفيه المساواة بينهما، وهذا ممّا يحذف خبره اكتفاء بأحد وصفيه إذ في الكلام دليل عليه فالرجاء هو أوّل مقام من اليقين عند المقرّبين وهو ظاهر أوصاف الصدّيقين، ولايكمل في قلب عبد، ولا يتحقّق به صاحبه حتى يجتمع فيه هذه الأوصاف؛ الإيمان بالله تعالى، والمهاجرة إليه سبحانه وتعالى، والمجاهدة فيه وتلاوة القرآن، وإقامة الصلاة، والإنفاق في سبيل الله تعالى، ثم السجود آناء الليل، والقيام والحذر مع ذلك كله؛ فهذه جملة صفات الراجين، وهو أوّل أحوال الموقنين ثم تتزايد الأعمال في ذلك ظاهراً وباطناً بالجوارح والقلوب عن تزايد الأنوار والعلوم ومكاشفات الغيوب بالأوصاف الموجودة وفصل الخطاب، إن الخوف والرجاء طريقان إلى مقامين؛ فالخوف طريق العلماء إلى مقام العلم،

اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 364
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست