responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 324
عنه وإن الله تعالى يعفو عنه بما وهب له من التوبة كقوله تعالى في المنافقين: (إمَّا يُعَذِّبُهُمّ وإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ) التوبة: 106، وليس النفاق دون البدعة ولا كل المنافقين تاب عليهم ولا جميعهم ختم لهم به، ولعموم قوله تعالى: (فَتابَ عَلَيْكُمْ وعفا عنْكمْ) البقرة: 187، فهذا مجمل فيمن تاب والخبر مخصوص فيمن لم يتب، ولقوله تعالى: (ثُمَّ تابَ عليْهِم لِيتُوبُوا) التوبة: 118، ولقوله تعالى: (عسى الله أن يَتُوبَ علَيْهِمْ إنَّ الله غفورٌ رَحيمٌ) التوبة: 102، ثم إن الناس في التوبة على أربعة أقسام، في كل قسم طائفة، لكل طائفة مقام، منهم: تائب من الذنب مستقيم على التوبة والإنابة لا يحدث نفسه بالعود إلى معصية أيام حياته مستبدل بعمل سيئاته صالح حسناته، فهذا هو السابق بالخيرات وهذه هي التوبة النصوح ونفس هذا المطمئنة المرضية، والخبر المروي في مثل هذا سيروا سبق المفردون المستهترون بذكر الله وضع الذكر أوزارهم فوريوا القيامة خفافاً والذي يلي هذا في القرب عبد عقده التوبة ونيّته الإستقامة لا يسعى في ذنب ولا يقصده ولا ينجوه ولا يهتم به وقد يبتلي بدخول الخطايا عليه عن غير قصد منه ويمتحن بالهم واللمم، فهذا من صفات المؤمنين يرجى له الاستقامة لأنه في طريقها وهو ممّن قال الله تعالى: (يَجْتَنِبُونَ كبائِرَ الإثْمِ والْفَواحشِ إلاَّ اللَّممَ إنَّ ربَكَ واسِعُ الْمغفرةِ) النجم: 32 وداخل في وصف المتقين الذين قال الله تعالى فيهم: (والَّذين إذا فَعَلُوا فاحِشةَ أو ظلمُوا أنْفُسَهُمْ) آل عمران: 135 الآية، ونفس هذا هي اللوّامة التي أقسم الله تعالى بها وهو من المقتصدين وهذه الذنوب تدخل على النفوس من معاني صفاتها وغرائز جبلاتها وأوائل أنسابها من نبات الأرض وتركيب الأطوار في الأرحام خلقاً بعد خلق ومن أختلاط الأمشاج بعضها ببعض ولذلك عقبه تعالى بقوله: (هُو أعْلمُ بِكُمْ إذْ أنْشأكُمْ مِنَ الأرضِ وإذ أنْتُمْ أَجِنَّةٌ في بُطُونِ أُمَّهاتِكمُ) النجم: 32 الآية، فلذلك نهى عن تزكية النفس المنشأة من الأرض والمركبة في الأرحام بالأمشاج للاعوجاج فقال تعالى: (فلا تُزكُّوا أنْفُسكُمْ) النجم: 32 أي فهذا وصفها عن بدء إنشائها وكذلك وصف مشيج خليقته بالابتلاء في قوله: (إنَّا خلقْنا الإنسان مِنْ نُطْفَةِ أمشاجٍ نَبْتليهِ فجعلْناهُ سميعاً بصيراً) الإنسان: 2، شوح هذا يطول ويخرج إلى علم تركيبات النفوس ومجبول فطرتها.
وقد ذكرنا أصوله في بعض الأبواب من هذا الكتاب: وفي مثل هذا العبد معنى الخبر الذي جاء المؤمن مفتن توّاب والمؤمن كالسنبلة تفيء أحياناً وتميل أحياناً فإزراء هذا العبد على نفسه ومقته لها عن معرفته بها وترك نظره إليه وسكونه إلى خير إن ظهر عليها يكون من كفارات ذنوبه لأنه من تدبر الخطاب في قوله تعالى: (فلا تُزَكُّوا أنْفُسَكُمْ هُو أعْلمُ بِمَنِ اتَّقى) النجم: 32، والعبد الثالث هو الذي يقرب من هذا الثاني في الحال عبد يذنب ثم يتوب ثم يعود

اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 324
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست