responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 285
فلان: أشهد أشهد، وكان هشام بن عروة يقول: لا تسألوهم اليوم عمّا أحدثوا فإنهم قد أعدوا له جواباً، ولكن اسألوهم عن السنن فإنهم لا يعرفونها، وكان الشعبي رحمه الله تعالى إذا نظر إلى ما أحدث الناس من الرأي والهوى يقول: لقد كان القعود في هذا المسجد أحبّ إليّ مما يعدل به فمذ صار فيه هؤلاء المراؤون فقد بغضوا إلي الجلوس فيه ولأن أقعد على مزبلة أحب إليّ من أن أجلس فيه وكان يقول ما حدثوك عن السنن والآثار فخذ به وما حدثوك عما أحدثوا من رأيهم فامخط عليه، وقد قال مرة: فبل عليه، وقد كان السلف يستحبون العي والبله عن علوم المعقول، وقد جعله رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الإيمان إذ قرنه بالحياء فقال: الحياء والعي شعبتان من الإيمان والبذاء والبيان شعبتان من النفاق.
وقال عليه السلام: أبغض الخلق إلى الله عزّ وجلّ البليغ الذي يتخلل الكلام بلسانه كما يتخلل الباقر الخلا بلسانها يعني الحشيش الرطب، وقال في حديث آخر: العيّ عن اللسان لا عيّ القلب، وقال: إن الله عزّ وجلّ كره لكم البيان كل البيان فصار الفقه إنما هو فقه القلب عن الرب سبحانه وتعالى وصار فقه اللسان بالبيان إنما هو عيّ القلب عن الشهادة والإيقان وعيّ اللسان وطول الصمت الذي كان يستحبه السلف هو اليوم عيب، ومن المتكلمين من لا يعرف من كلام البدع وعلم المنافقين الذي ذمه القدماء هو اليوم سنّة وأهل النطق به هم العلماء اليوم، ولقد صار المعروف منكراً والمنكر معروفاً وصار السنّة بدعة والبدعة سنّة، وكذلك جاءت به الأخبار في وصف علماء آخر الزمان، وفي الخبر المشهور: إن الله تعالى يبغض الثرثارين المتشدقين، فمن غلب عليه هذا الوصف فكان متشدقاً بليغاً في علم الرأي والمعقول عيي القلب عن مشاهدة اليقين وعلم الإيمان كان إلى النفاق أقرب، ومن حقيقة الإيمان أبعد، وقد كان أبو سليمان الداراني يقول: لا ينبغي لمن ألهم شيئاً من الخيرات أن يعمله حتى يسمع به في الأثر فيحمد الله تعالى إذا وافق ما في نفسه.
وقال بعض العارفين: ما قبلت خاطراً من قلبي حتى يقيم لي شاهدي عدل من كتاب وسنة وكان إمامنا أبو محمد سهل رحمه الله تعالى يقول: لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يكون فيه هذه الأربع: أداء الفرائض بالسنّة، وأكل الحلال بالورع، واجتناب النهي من الظاهر، والباطن والصبر على ذلك حتى الممات، وقد كانوا يعيبون على من تكلم بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس بغير ذكر الله تعالى وكانوا يخرجون المتحدثين من المساجد فلا يبقى فيه إلا مصلٍّ أو ذاكر لله تعالى، وقد كان السلف يستعظمون يسير الحديث في الدين ودقائق البدع في الإسلام لعظم الإيمان والسنّة في قلوبهم ولمعرفتهم بحقيقة المعروف، قال عبد الله بن مغفل لابنه وقد سمعه يقرأ خلف الإمام: يا بني إياك والحدث إياك والحدث، وقال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لابنه عمر وقد سمعه

اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 285
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست