responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 222
من علم التفصيل لا عن التوحيد وهو التفرقة بلسان الشرع عن عين الجمع لإظهار الطرق واستنارة السبل وتطريق السالكين وترتيب العاملين ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيا من حي عن بيّنة والله غالب على أمره، وقد فصل بعض العلماء أعمال العباد وفرق بين الأمر والإرادة فقال: إن أعمال العباد لا تخلو من ثلاثة أنواع: فرض وفضل ومعصية، قال: فنقول إن الفرض بأمر الله تعالى ومحبة الله ومشيئة الله، تجتمع هذه المعاني الثلاثة في الفرائض قال: ونقول إن النفل لا بأمر الله لأنه لم يوجبه ولم يعاقب على تركه ولكن بمحبة الله ومشيئته جلّ وعلا أي لأنه شرعه وندب إليه فقال: ونقول إن المعصية لا بأمر الله لأنه لم يشرعها على ألسنة المرسلين ولا بمحبة الله لأنه قد كرهها إذ لم يأمر بها ولم يندب إليها ولكن بمشيئة الله جلّت عظمته أن لا يخرج شيء من إرادته كما لم يخرج شيء من علمه، والإرادة والمشيئة اسمان بمعنى واحد فقد دخل كل شيء فيها كما دخل كل شيء في العلم فالله سبحانه عالم بما أراده وقد سبق به علمه كذلك هو مريد لما علمه أظهرت إرادته سابق علمه وكشف علم الغيب بظهور إرادته الشهادة فهو عالم الغيب والشهادة فالغيب علمه والشهادة معلومة فكيف يخالف المعلوم العلم وهو إجراؤه والإرادة نفذت العلم في معلومات الخلق وهذا فرض التوحيد فخرجت النوافل عن الأمر خرجت المعاصي عن المحبة في تفصيل الأحكام، وتبين الحلال والحرام ولم تخرج معصية عن مشيئة، وقد قال الله جلّ ثناؤه: (وَكُلُّ صَغيرٍ وَكَبيرٍ مُسْتَطَرٌ) القمر: 53، وقد قال رسول الله: كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس فذكر عرضين لطيفين هما سببا المنع والعطاء وقد فرق عالمنا بين الأمر والإرادة فرقاً لطيفاً فحدثني بعض أصحابنا أنه سئل عن قول الله عزّ وجلّ لما أمر إبليس بالسجود لآدم أراد منه ذلك أم لا فقال أراده ولم يرده منه يعني أراده شرعاً وإظهاراً وعليه إيجاباً ولم يرده منه وقوعاً ولا كوناً إذ لا يكون إلا ما إراد الله تعالى إذ لو أراد كونه لكان ولو أراده فعلاً لوقع لقوله تعالى: (إنَّمَا أَمْرُهُ إذا أرادَ شَيْئاً أنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون) يس: 82، فلما لم يكن علمت أنه لم يرده، فقد كان الأمران معاً إرادته بالتكليف والتعبد وإرادته بأن لا يسجد كما لم يقدر من أن يمتنع من أن يؤمن، فكذلك القول في نهيه لآدم عن أكل الشجرة إنه أراد الأكل منه ولم يرده له أي أراده وقوعاً وكوناً لأنه قد وجد وكان كقوله إذا أردناه أن نقوله له كن فيكون فلما كان علمت أنه أراده ولم يرده شرعاً ولاأمراً لأنه لم يأمره به ولاشرعه له فقد كان الأمران جميعاً إرادته أن يكون العبد مكلفاً مأموراً وإرادته الأكل منه لأنه قد كان وكذلك القول في كل ما أمر به وأراده إنه أراد الأمر والنهي لهم ليكونوا مكلفين متعبدين ولم يرده ممن لم يكن منه الائتمار والانتهاء لأنه قال تعالى: (إنَّما قَوْلُنا لِشَيْء إذا أرَدْناهُ أنْ نَقُولَ لًَهُ كُنْ فَيَكُونُ) النحل: 40، فأخبر أنه إذا أراد شيئاً كونه كما أنه إذا كوّن شيئاً فقد أراده
بدلالة

اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 222
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست