اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي الجزء : 1 صفحة : 190
إنَّما أنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا) النازعات: 54 (إنَّمَاْ تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِاْلغَيْبِ) ، وقال تعالى: (فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَديدٌ) ق: 22، يعني إلى ماقدمت وقيل حديد إلى لسان الميزان تخاف النقصان وقال تعالى: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بالْحَقِّ) ق: 91 قيل بالسابقة لهم وعليهم فهو الحق سبقت لهم منا الحسنى حقت عليهم كلمة ربك لايؤمنون وسقط ما دونها وقد قيل إنما يوزن من الأعمال خواتيمها والخواتم من السوابق وما بينهما زاهق والوزن يومئذ الحق ما سبق من العدل والصدق وتمت كلمة ربك صدقاً لأوليائه وعدلاً على أعدائه ألا له الخلق والأمر.
ذكر المقام السادس من مشاهدة المقربين
الخيرات هي من ثمرات الإيمان، والصالحات هي مقتضى اليقين، واللعب مقتضى الشك، والسمع والبصر وصفان للمتقين، والعمى والصمم وصفان للشك، تنتظم هذه المعاني في قول الله تعالى: (قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمُ بِهِ إيمَانُكُمْ إنْ كُنْتُمْ مُؤمِنينَ) البقرة: 93فدل أن الإيمان يأمر المؤمنين بالبر والتقوى وقوله تعالى مخبراً عمن أيقن فسمع وأبصر فينال العمل الصالح: (رَبَّنَا أبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إنَّا مُوقِنُون) السجدة: 12قوله تعالى في وصف اللاعبين: (بَلْ هُمْ فِي شَكٍ يَلْعَبُونَ) الدخان: 9، ثم ذكر حالهم لعدم اليقين فقال تعالى: (مَا كَانُوا يَسْتَطيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ) هود: 20 لأنهم لم يكونوا موقنين، فلما جاءهم اليقين وهو المعاينة أبصروا وسمعوا فقالوا: وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين فوصفهم بشدة السمع والبصر حينئذ لما أيقنوا فقال عزّ وجلّ: (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا) مريم: 38أي ما أسمعهم وأبصرهم اليوم لما جاؤونا فرأوا ما عندنا وهذا للمبالغة في الوصف كما تقول: أكرم وأعظم به أي: ما أكرمه وأعظمه، فكذلك إذا أتيته اليوم وأنت موقن سمعت مالم تسمع وأبصرت ما لم ترَ قبل ذلك ولكن شغلتك الأزواج التي خلق والأشكال والأشباه التي أظهر فتألهت إليها ووقفت معها ولو فررت منها إلى الله تعالى لفررت إلى خير مفر ولأواك عنده في أحسن مقر وقد أمرك بالفرار منها إليه لو قبلت ونهاك عن التأله إليها لو سمعت وبين لك النذارة لو فهمت وجعل ما خلق من الأزواج تذكرة به ولو عرفت ورادة إليه لو أنك للذكر اتبعت ومشوقة إليه لوكنت لقربه أحببت أما سمعته يقول: (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلّكُمْ تَذَكَّرُونَ) الذاريات: 49 أي مثلين وشكلين لكي تذكروا الله بها وتشتاقوا إليه منها ثم قال: (فَفِرُّوا إلى اللهِ) الذاريات: 50 أي عنها بالزهد ثم قال: (وَلاَ تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إلهاً آخَرَ) الذاريات: 51 أي لا تؤلهوا معه إلهاً ولا تشركوا بتألهكم إليه إياها فهذا فهم المقربين عن سمعهم بشهادة أبصار قلوبهم فعندها كان استجابتهم له كما قال: إنما يستجيب الذين يسمعون وقال: (وَيَسْتَجِيبُ الذَّينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) الشورى: 26 ولكن
اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي الجزء : 1 صفحة : 190