اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي الجزء : 1 صفحة : 181
الروم: 28 أي: فكذلك أنا لا شريك لي من عبيدي فلا تجعلوا لي ما لم أجعل أحد لا خلقي ولا عبيدي عليكم إذ لم أسوِّ بينكم وبين عبيدكم فلا تشركوا عبيدي في حكمي، والثالثة قوله تعالى: (ضَرَبَ اللَّه مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لاَ يَقْدِرُ عَلى شَيء) النحل: 75 يعني: الإنفاق، ومن رزقناه منا رزقاً حسناً فهو ينفق منه فجعلهما على وصفين أحدهما بخيل لم يقدره على الإنفاق ثم ذم بالبخل والعجز وهو الذي أعجزه ومنعه وجعل الآخر جواداً إذا قدره وأعطاه الإنفاق ثم مدحه بالجود، وقال في الآية الرابعة: (وَضَرَبَ اللَّه مَثَلاً رَجُلَينْ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلى شيءٍ) النحل: 76 هو الحكمة والعلم ثم قال: (هَلْ يَسْتَوي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالعَدْل) النحل: 76 فجعل له عبدين: أحدهما سفيه جاهل أبكم عن الحكمة ولم يقدره على علم ولم يعطه استقامة ثم ذمه بوصفه ومقته لمنعه وجعل الآخر آمراً بالعدل عن أمره مستقيماً على صراطه المستقيم الذي هو عليه وهو أقامه كما قال: (هذا صراط علي مستقيم) فهل يسلك أحد طريقه إلا به وهل يجوز عبد على سبيله إلا بحوله ثم مدحه بإعطائه إياه ووصفه بوصفه ثم علم سبحانه أن للعقل في هذا تشبيهاً وتمثيلاً بخلقه وتجويزاً وتظليماً من خالقه على قياس العقول، إن من فعل بعبدين له مثل هذا ثم مدح أحدهما وهو أعطاه وأقدره وذم الآخر وهو الذي منعه وأعجزه أنه قد ظلمه فحسم ذلك عزّوجلّ بنهيه
وأحكم النهي عن التمثيل به في الآية الخامسة الفاصلة القاضية التي نهانا فيها أن نضرب له بنا الأمثال مثل ما أجرى علينا من الأفعال، فقال سبحانه وتعالى: (فَلاَ تَضْرِبُوا للَّه الأَمْثَالَ إنَّ اللَّه يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا َ تَعْلَمُونَ) النحل: 74 فوكد ذلك بتحقيق علمه وغاية جهلنا ثم أيد هذا بقوله سبحانه: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) فسلم الراسخون في العلم الأحكام كلها للحاكم فسلموا من عذابه وآمن المؤمنون بجميع الأقدار أنها عدل وحكمة من حاكم عادل حكيم فأمنوا من عقابه لأنهم آمنوا بالمتشابه وأعطاهم بفضله من فضله جزيل ثوابه فهلك الزائغون بالأقاويل تتبعاً للشبهات وابتغاء للتأويل فوقعوا في الضلال وهلكوا غداً في المآل. كم النهي عن التمثيل به في الآية الخامسة الفاصلة القاضية التي نهانا فيها أن نضرب له بنا الأمثال مثل ما أجرى علينا من الأفعال، فقال سبحانه وتعالى: (فَلاَ تَضْرِبُوا للَّه الأَمْثَالَ إنَّ اللَّه يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا َ تَعْلَمُونَ) النحل: 74 فوكد ذلك بتحقيق علمه وغاية جهلنا ثم أيد هذا بقوله سبحانه: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) فسلم الراسخون في العلم الأحكام كلها للحاكم فسلموا من عذابه وآمن المؤمنون بجميع الأقدار أنها عدل وحكمة من حاكم عادل حكيم فأمنوا من عقابه لأنهم آمنوا بالمتشابه وأعطاهم بفضله من فضله جزيل ثوابه فهلك الزائغون بالأقاويل تتبعاً للشبهات وابتغاء للتأويل فوقعوا في الضلال وهلكوا غداً في المآل.
وقد روى الضحاك عن ابن عباس تصديق ما ذكرناه قبيل قوله عزّوجلّ: (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنُهمْ جُزْءٌ مَقْسُوْمٌ) الحجر: 44 قال ابن عباس: طبق أسفل من طبق سبع دركات على قدر أعمالهم كذلك يقتسمون الدركات بقدرما اجترموا كما اقتسم أهل الجنة الدرجات بالفضائل لكل باب منهم جزء مقسوم يعني نصيباً معلوماً مفروضاً لكل طبقة سكان، وقال بعض العلماء: تاللَّه ما في الجنة قصر ولا نهر ولا نعيم إلا عليه اسم صاحبه مكتوب واسم ذلك العمل الذي هو جزاؤه مكتوب وكذلك جهنم ما فيها غل ولا قيد ولاشعب ولاعذاب إلا وعليه وصف ذلك العمل الذي هو جزاؤه واسم صاحبه مكتوب،
اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي الجزء : 1 صفحة : 181