responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 162
يصله بغيره حتى تفنى الأيام بالفوت وتنقضي الأوقات إلى الموت وفي ذلك يسبل عليه الستر ليغتر ويسبغ عليه النعم كيلا يعلم ويديم له العوافي لئلا يفطن ويبسط له الأمل ليزداد من سوء العمل ويقبض عنه الأجل ليقبض منه الوجل وينشر له الرجاء ويطوي عنه الخوف حتى يبغتهم فجأة من حيث أمنهم ويأخذهم بغتة في حال غمرتهم كما قال: (وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُون) النمل: 50 ومن معنى ماذكرناه قوله تعالى: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أبْوَابَ كُلِّ شَيءْ) الأنعام: 44 أي لماتركوا ما وعظوا به وخوفوا أسبغنا عليهم النعم وأنسيناهم الشكر فترادفت منهم الذنوب وأنسيناهم الإستغفار، ثم قال: (حَتَّى إذا فَرِحُوا بِما أوتُوا) الأنعام: 44 أي سكنوا إلى ذلك واطمأنوا ولم يريدوا التحويل عنه ولا الاستعتاب
منه: (أخَذْنَاهُم بَغْتَة) الكهف: 28 أي فجأة في حين أمنهم وقيل بغتة بعد أربعين سنة فإذا هم مبلسون متحيرون باهتون آيسون من كل خير، واعلم أن العبد إذا كان بعد ساعة شرّاً منه قبلها وبعد يوم شرّاً منه قبله ثم لم يستعتب ولم يتدارك كانت أوقاته كلها وأيامه كيوم واحد في الشر ووقت سرمد في السوء فكان كمن فات عمره كله كفوت وقت واحد منه لأنه على هذا الوصف يكون فوت العمر لتراخيه وقتاً بعد وقت وينساه شيئاً بعد شيء ولتربية العبد بأوقاته وقتاً بعد وقت إلا أنها في آخر الحساب ومجمله كيوم واحدأضاعة فكان مثله كما قال تعالى: (وَلاَ تُطِعْ مَنْ أغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أمْرُهُ فُرُطاً) الكهف: 28 وكمن كان حاله الغفلة عن الوعد والوعيد فلما كشف عنه الغطاء حار بصره وبهت واحتد وبرق لمعاينة ما كان عنه غفل وحسرة على ما فيه فرط لقوله تعالى: (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذَا فَكَشَفْنَا عَنَكَ غِطَاءَكَ فَبَصرُكَ اليَومَ حَديدٌ) ق: 22، قيل محدد إلى أعمالك السيئة أو ثقتك وقيل حديد إلى لسان الميزان يتوقع النقص والرجحان وكان كمن قال تعالى في قوله: (وَأنِذرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ إذْ قُضيَ الأمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَة) مريم: 39 قيل جاءهم الموت وهم مشغولون بأمور الدنيا وقيل: كانوا متشاغلين في شأن النساء وبوصف من قيل له وغرتكم الأماني يعني أماني الهوى حتى جاء أمر اللَّه أي قدم الموت ولم تقدموا له شيئاً يقدموا به عليه فمثلهم كمن وصفهُ بالإفلاس وأخبر عنه بالإياس في قوله عزّ وجلّ: (حَتَّى إذا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّه عِنْدَهُ فَوفَّاهُ حًسَابَهُ) النور: 39. (أخَذْنَاهُم بَغْتَة) الكهف: 28 أي فجأة في حين أمنهم وقيل بغتة بعد أربعين سنة فإذا هم مبلسون متحيرون باهتون آيسون من كل خير، واعلم أن العبد إذا كان بعد ساعة شرّاً منه قبلها وبعد يوم شرّاً منه قبله ثم لم يستعتب ولم يتدارك كانت أوقاته كلها وأيامه كيوم واحد في الشر ووقت سرمد في السوء فكان كمن فات عمره كله كفوت وقت واحد منه لأنه على هذا الوصف يكون فوت العمر لتراخيه وقتاً بعد وقت وينساه شيئاً بعد شيء ولتربية العبد بأوقاته وقتاً بعد وقت إلا أنها في آخر الحساب ومجمله كيوم واحدأضاعة فكان مثله كما قال تعالى: (وَلاَ تُطِعْ مَنْ أغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أمْرُهُ فُرُطاً) الكهف: 28 وكمن كان حاله الغفلة عن الوعد والوعيد فلما كشف عنه الغطاء حار بصره وبهت واحتد وبرق لمعاينة ما كان عنه غفل وحسرة على ما فيه فرط لقوله تعالى: (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذَا فَكَشَفْنَا عَنَكَ غِطَاءَكَ فَبَصرُكَ اليَومَ حَديدٌ) ق: 22، قيل محدد إلى أعمالك السيئة أو ثقتك وقيل حديد إلى لسان الميزان يتوقع النقص والرجحان وكان كمن قال تعالى في قوله: (وَأنِذرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ إذْ قُضيَ الأمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَة) مريم: 39 قيل جاءهم الموت وهم مشغولون بأمور الدنيا وقيل: كانوا متشاغلين في شأن النساء وبوصف من قيل له وغرتكم الأماني يعني أماني الهوى حتى جاء أمر اللَّه أي قدم الموت ولم تقدموا له شيئاً يقدموا به عليه فمثلهم كمن وصفهُ بالإفلاس وأخبر عنه بالإياس في قوله عزّ وجلّ: (حَتَّى إذا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّه عِنْدَهُ فَوفَّاهُ حًسَابَهُ) النور: 39.
وقد كان أبو محمد يقول لايبلغ العبد منازل الصديقين حقيقة من هذا الأمر حتى يكون فيه هذه الأربع: أداء الفرائض بالسنة، وأكل الحلال بالورع، واجتناب النهي في الظاهر والباطن، والصبر على ذلك إلى الممات، وكان الحسن يقول: واللَّه ما لعمل المؤمن انتهاء دون الموت واللَّه ما المؤمن الذي يعمل الشهر والشهرين والسنة والسنتين إنما المؤمن المداوم على أمر اللَّه، الخائف من مكر اللَّه، إنما الإيمان شدة في لين وعزم في يقين واجتهاد في صبر وعلم في زهد وكان عمر رضي اللََّه عنه إذا تلا قوله

اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 162
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست