responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 155
وعدّهم عداً أصحاب النفوس الأمّارة بالسوء المسوَّلة الموافقة للهوى المخالفة للمولى وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً إلى آخر وصفهم أولو النفس المرحومة المطمئنة المرضية هم عباد الرحمن أهل العلم والحكمة علمهم من لدنه واختارهم لنفسه ولا يكون المريد بدلاً حتى يبدل بمعاني صفات الربوبية صفات العبودية وبأخلاق الشياطين أوصاف المؤمنين وبطبائع البهائم أوصاف الروحانيين من الأذكار والعلوم، فعندهاكان بدلاً مقرباً والطريق إلى هذا بأن يملك نفسه فيملكها وتسخر له فيسلط عليها فإن أردت أن تملك نفسك فلا تملكها وضيّق عليها ولا توسع لها فإن ملكتها ملكتك وإن لم تضيّق عليها اتسعت عليك فإن أردت الظفر بها فلا تعرضها لهواها واحتبسها عن معتاد بلاها فإن لم تمسكها انطلقت بك وإن أردت أن تقوى عليها فأضعفها بقطع أسباب هواها وحبس مواد شهواتها وإلا قويت عليك فصرعتك فأول الملكة لها أن تحاسبها في كل ساعة وتراقب حسبتها في كل وقت وتقف عند كل همة من خواطرها فإن كانت الهمة للَّه عزّ وجلّ سابقت الموت وبادرت الفوت في إمضائها وإن كانت الهمة لغير اللَّه تعالى سابقت وبادرت في محوها لئلا تثبت وعملت في الإستبدال بها كيلا تستبدل بك، وفي تأويل الخبر المروي البر يزيد في العمر وهو معنى الدعاء المشهور من قول الناس: جعل اللَّه في عمرك البركة، وقد بورك له في عمره، فإن البركة في العمر أن تدرك في عمرك القصير بيقظتك ما فات غيرك من عمره الطويل بغفلته فيرتفع لك في سنة ما لا يرتفع له في عشرين سنة وللخصوص من المقربين في مقامات القرب عند التجلي بصفات الرب الحاق برفيع الدرجات وتدارك ما فات عند أذكارهم وأعمال قلوبهم اليسيرة في هذه الأوقات، فكل ذرة من ذكر بتسبيح أو تهليل أو حمد أو تدبر وتبصرة وتفكر وتذكرة بمشاهدة قرب ووجد برب ونظرة إلى حبيب ودنو إلي قريب أفضل من أمثال الجبال من أعمال الغافلين الذين هم بنفوسهم واجدون وللخلق مشاهدون مثل العارفين فيما ذكرته من قيامهم بمشاهدتهم ورعايتهم لأمانتهم وعهدهم في وقت قربهم وحضورهم مثل العامل في ليلة القدر العمل فيها لمن وافقها خير من ألف شهر، وقد قال بعض العلماء كل ليلة للعارف بمنزلة ليلة القدر.
وروينا عن علي رضي اللَّه عنه: أنه قال كل يوم لا يُعصى اللَّه عزّ وجلّ فيه فهو لنا عيد وكان الحسن إذا تلا قوله تعالى: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنيئاً بِمَا أسْلَفْتُمْ في الأيَّامِ الخَاِليَةِ) ، الحاقة: 24 قال: يا إخواني هي واللَّه أيامكم هذه فاقطعوها بالجد والاجتهاد ولا تضيعوها فخلوها فراغاً من حسن المعاملة وبطالتك فيها عن الشغل بمعادك المحصول عليك منها، كما قال المبطلون: يا حسرتنا على ما فرطنا فيها يعني في الأيام الخالية التي هي محصولهم ومرجعهم ومثواهم، وكما قالت النفس الأمارة بالسوء: يا حسرتا على ما

اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي    الجزء : 1  صفحة : 155
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست