اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي الجزء : 1 صفحة : 119
توضأ يوم الجمعة فيها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل.
وروينا عن الصحابة: أمرنا بالغسل يوم الجمعة فلما جاء الشتاء كان من شاء اغتسل ومن لم يشأ ترك الغسل، وقد روينا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من شهد الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل فلذلك قال مالك بن أنس إن النساء إذا حضرن الجمعة اغتسلن له ومن اغتسل من جنابة أجزأه لغسل الجمعة إذا نوى ولا بدّ من النية لغسل الجنابة لأجل الجمعة فهو أفضل، ويكون الغسل للجمعة داخلاً فيه، فإذا أفاض عليه الماء ثانية بعد غسله للجنابة لأجل الجمعة فهو أفضل دخل بعض الصحابة على ابنه يوم الجمعة وهو يغتسل فقال: للجمعة غسلك هذا؟ قال: لا بل من الجنابة، قال: فأعد غسلاً ثانياً فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: واجب على كل مسلم أن يغتسل يوم الجمعة، ومن اغتسل بعد طلوع الفجر أجزأه ولكن أفضل الغسل لها عند الرواح إلى الجامع وأحب أن لايحدث وضوءاً بعد الغسل حتى يفرغ من صلاة الجمعة فمن العلماء من كره ذلك ولكن إن بكر إلى الجامع فتوضأ هناك من حدث لحقه لامتداد الوقت فإنه على غسل الجمعة ويستحب أن يستاك وأن يلبس من صالح ثيابه ويجتنب الشهرة من الثياب ومن أفضل ما لبس البياض أو بردين يمانيين ولبس السواد يوم الجمعة ليس من السنة ولا من الفضل أن ينظر إلى لابسه وليقلّم أظفاره ويأخذ من شاربه فقد روي فضل ذلك من فعل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن أمره.
وقد روينا عن ابن مسعود وغيره من قلّم أظفاره يوم الجمعة أخرج الله عزّ وجلّ منها داء وأدخل شفاء وليتطيب بالطيب طيبه مما ظهر ريحه وخفي لونه فذلك طيب الرجال وطيب النساء مما ظهر لونه وخفي ريحه، روينا ذلك في الأثر وتستحب العمامة يوم الجمعة، وقد روينا فيها حديثاً شاذاً عن واثلة بن الأسقع عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله عزّ وجلّ وملائكته يصلّون على أصحاب العمائم يوم الجمعة فإن أكربه الحر فلا بأس أن ينزعها قبل الصلاة وبعدها ولكن يخرج من منزله إلى الجامع وهو لابسها ولا يصلّي إلا معتّماً بها لتحصل له فضيلة العمة، فإن نزعها فليلبسها حينئذ عند صعود الإمام المنبر ثم ليصلِّ وهي عليه فإن شاء نزعها بعد ذلك وليخرج إلى الله عزّ وجلّ خاشعاً متواضعاً ذا سكينة ووقار وإخبات وافتقار وليكثر من الدعاء والاستغفار وينوي في خروجه زيارة مولاه في بيته والتقرّب إليه بأداء فريضته والعكوف في المسجد إلى حيث انقلابه ثم لينوِ كف جوارحه عن اللهو واللغو ويتقِ الشغل حين يخدم مولاه وليترك راحته في ذلك اليوم في مهناه من عاجل حظ دنياه وليواصل الأوراد فيه فيجعل أوله إلى انقضاء صلاة الجمعة للخدمة بالصلاة وأوسطه إلى صلاة العصر لاستماع العلم ومجالس الذكر وآخره إلى غروب الشمس للتسبيح والاستغفار، فكذلك كان المتقدمون يقسمون يوم الجمعة هذه الأقسام الثلاثة وإن صامه فحسن يضم إليه يوم الخميس أو يضيف إليه يوم السبت وقد
اسم الکتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد المؤلف : أبو طالب المكي الجزء : 1 صفحة : 119