فهذا مخلوقٌ اكتفى من مخلوقٍ بالثناء عليه، فكيف بالخالق سبحانه".
ويؤيّد هذا المعنى قولُ الله تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} [1]، فجعل الحمدَ دعاء.
قال ابن القيّم رحمه الله: "الدعاء يُراد به دعاءُ المسألة ودعاء العبادة، والمُثنِي على ربّه بحمده وآلائه داعٍ له بالاعتبارين، فإنَّه طالبٌ منه، طالبٌ له، فهو الداعي حقيقة، قال تعالى: {هُوَ الحَيُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} 2") [3].
وممّا ورد في فضل الحمد وعِظم ثوابه عند الله ما ثبت في صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعريِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الطَهور شطرُ الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السموات والأرض، والصلاةُ نورٌ، والصدقةُ برهانٌ، والصَّبرُ ضِياءٌ، والقرآن حجّةٌ لك أو عليك، كلُّ الناس يغدو فبائعٌ نفسَه فمعتقُها أو موبقُها" [4].
فأخبر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن عظيم فضل الحمد وعظيم ثوابه، وأنَّه يملأ الميزان، وقد قيل: إنَّ المراد بملائه الميزان أي: لو كان الحمد جسماً لملأ الميزان، وليس بسديد، بل إنَّ الله عز وجل يمثّل أعمال بني آدم وأقوالهم صُوَراً يوم القيامة وتوزن حقيقةً، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم كما في [1] سورة: يونس، الآية: (10) .
2 سورة: غافر، الآية: (65) . [3] صيغ الحمد المطبوع باسم مطالع السعد (ص:90) . [4] صحيح مسلم (رقم:223) .