responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 452
النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُشَمِّتْ الَّذِي لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ وَلَمْ يُذَكِّرْهُ. وَهَذَا تَعْزِيرٌ لَهُ وَحِرْمَانٌ لِتَرْكِهِ الدُّعَاءَ لَمَّا حَرَمَ نَفْسَهُ بِتَرْكِهِ الْحَمْدَ فَنَسِيَ اللَّهَ تَعَالَى فَصَرَفَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْسِنَتَهُمْ عَنْ تَشْمِيتِهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ، وَلَوْ كَانَ تَذْكِيرُهُ سُنَّةً لَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى بِفِعْلِهَا وَتَعْلِيمِهَا وَالْإِعَانَةِ عَلَيْهَا.
(الثَّانِيَةُ) : أَنَّ الْعَاطِسَ إذَا حَمِدَ اللَّهَ فَسَمِعَهُ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ دُونَ بَعْضٍ هَلْ يُسَنُّ لِمَنْ يَسْمَعُهُ تَشْمِيتُهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُشَمِّتُهُ. انْتَهَى.
قُلْت وَالْمَذْهَبُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ تَشْمِيتَهُ عَلَى مَنْ سَمِعَ فَرْضُ كِفَايَةٍ إنْ كَانُوا اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، وَإِلَّا فَفَرْضُ عَيْنٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ كَالْآدَابِ الْكُبْرَى فِي الْمَسْأَلَةِ مَا يُؤَيِّدُ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَذْكِيرُ مَنْ نَسِيَ حَمْدَ اللَّهِ. قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: إنَّ رَجُلًا عَطَسَ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ فَانْتَظَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ فَيُشَمِّتُهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ قَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَيْفَ تَقُولُ إذَا عَطَسْت؟ قَالَ أَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يَرْحَمُك اللَّهُ.
قَالَ فِي الْآدَابِ: وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا سَبَقَ يَعْنِي مِنْ كَوْنِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ كَانَ يَذْكُرُ خَبَرَ مَنْ سَبَقَ الْعَاطِسَ بِالْحَمْدِ أَمِنَ مِنْ الشَّوْصِ إلَخْ وَيُعَلِّمُهُ النَّاسَ قَالَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

مَطْلَبٌ: فِي تَغْطِيَةِ الْفَمِ وَكَظْمِهِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ:
وَغَطِّ فَمًا وَاكْظِمْ تُصِبْ فِي تَثَاؤُبٍ ... فَذَلِكَ مَسْنُونٌ لِأَمْرِ الْمُرَشَّدِ
(وَغَطِّ) أَيُّهَا الْمُتَثَائِبُ (فَمًا) حَيْثُ غَلَبَك وَلَمْ تَسْتَطِعْ كَظْمَهُ (وَاكْظِمْهُ) إنْ اسْتَطَعْت فَإِنَّ الْمَسْنُونَ لَك إذَا تَثَاءَبْت أَنْ تَكْظِمَ، وَالْكَظْمُ مَسْكُ فَمِهِ وَانْطِبَاقُهُ لِئَلَّا يَنْفَتِحَ مَهْمَا اسْتَطَاعَ، فَإِنْ غَلَبَ التَّثَاؤُبُ غَطَّى الْفَمَ بِكُمٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَيَدِهِ، «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فَمِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ مَعَ التَّثَاؤُبِ» وَقَالَ لِي شَيْخُنَا التَّغْلِبِيُّ فَسَّحَ اللَّهُ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَأَغْدَقَ عَلَيْهِ سَحَائِبَ عَفْوِهِ وَبِرِّهِ: إنْ غَطَّيْت فَمَك فِي التَّثَاؤُبِ بِيَدِك الْيُسْرَى فَبِظَاهِرِهَا، وَإِنْ كَانَ بِيَدِك الْيُمْنَى فَبِبَاطِنِهَا.
قَالَ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْيُسْرَى لِمَا خَبُثَ وَلَا أَخْبَثَ مِنْ الشَّيْطَانِ، وَإِذَا وَضَعَ

اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 452
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست