responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 388
بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَكَانَتْ غَلَبَتْهُ عَلَى رَأْيِهِ وَشَغَلَتْهُ عَنْ سُوقِهِ، فَأَمَرَهُ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِطَلَاقِهَا وَاحِدَةً فَفَعَلَ فَوَجَدَ عَلَيْهَا، فَقَعَدَ لِأَبِيهِ عَلَى طَرِيقِهِ وَهُوَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ، فَلَمَّا بَصُرَ بِأَبِي بَكْرٍ بَكَى وَأَنْشَدَ يَقُولُ:
وَلَمْ أَرَ مِثْلِي طَلَّقَ الْيَوْمَ مِثْلَهَا ... وَلَا مِثْلَهَا فِي غَيْرِ جُرْمٍ تَطْلُقُ
لَهَا خُلُقٌ جَزْلٌ وَحِلْمٌ وَمَنْصِبٌ ... وَخَلْقٌ سَوِيٌّ فِي الْحَيَاةِ وَمَصْدَقُ
فَرَقَّ لَهُ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَمَرَهُ بِمُرَاجَعَتِهَا. فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ تَرِثِيهِ:
آلَيْتُ لَا تَنْفَكُّ عَيْنِي سَخِيَّةً ... عَلَيْك وَلَا يَنْفَكُّ جِلْدِي أَغْبَرَا
فَلِلَّهِ عَيْنَا مَنْ رَأَى مِثْلَهُ فَتًى ... أَعَفَّ وَأَمْضَى فِي الْهِيَاجِ وَأَصْبَرَا
إذَا شُرِعَتْ فِيهِ الْأَسِنَّةُ خَاضَهَا ... إلَى الْمَوْتِ حَتَّى يَتْرُكَ الرُّمْحَ أَحْمَرَا
فَلَمَّا حَلَّتْ تَزَوَّجَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا، فَاسْتَأْذَنَهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يُدْخِلَ رَأْسَهُ إلَى عَاتِكَةَ فَيُكَلِّمَهَا فَأَذِنَ لَهُ، فَأَدْخَلَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَأْسَهُ إلَيْهَا وَقَالَ لَهَا يَا عَدُوَّةَ نَفْسِهَا:
آلَيْت لَا تَنْفَكُّ عَيْنِي قَرِيرَةً ... عَلَيْك وَلَا يَنْفَكُّ جِلْدِي أَصْفَرَا
فَبَكَتْ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَاذَا دَعَاك إلَى هَذَا يَا أَبَا الْحَسَنِ كُلُّ النِّسَاءِ يَفْعَلْنَ هَذَا. ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الزُّبَيْرُ بَعْدَ عُمَرَ، ثُمَّ خَطَبَهَا عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بَعْدَ قَتْلِ الزُّبَيْرِ فَقَالَتْ إنِّي لَأَضِنُّ بِك عَنْ الْقَتْلِ.
(الثَّالِثَةُ) ذُكِرَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: إنَّمَا رَدَّ اللَّهُ عُقُوبَةَ سُلَيْمَانَ عَنْ الْهُدْهُدِ لِبِرِّهِ كَانَ بِأُمِّهِ انْتَهَى. يَعْنِي لَمَّا تَوَعَّدَهُ سَيِّدُنَا سُلَيْمَانُ فِي قَوْلِهِ {مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} [النمل: 20] {لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [النمل: 21] وَذَلِكَ لَمَّا فَقَدَهُ لِأَجْلِ الْمَاءِ، فَدَعَا سُلَيْمَانُ عَرِيفَ الطَّيْرِ وَهُوَ النِّسْرُ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ عِلْمَهُ، ثُمَّ قَالَ لِسَيِّدِ الطَّيْرِ وَهُوَ الْعُقَابُ عَلَيَّ بِهِ، فَارْتَفَعَتْ فَنَظَرَتْ فَإِذَا هُوَ مُقْبِلٌ فَقَصَدَتْهُ، فَنَاشَدَهَا اللَّهَ وَقَالَ بِحَقِّ الَّذِي قَوَّاك وَأَقْدَرِك عَلَيَّ أَلَا رَحِمْتِينِي، فَتَرَكَتْهُ وَقَالَتْ ثَكِلَتْك أُمُّك إنَّ نَبِيَّ اللَّهِ حَلَفَ لَيُعَذِّبَنَّكَ قَالَ وَمَا اسْتَثْنَى قَالَتْ بَلَى أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ. فَلَمَّا قَرُبَ مِنْ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَرْخَى ذَنَبَهُ وَجَنَاحَيْهِ يَجُرُّهُمَا عَلَى الْأَرْضِ تَوَاضُعًا لَهُ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ أَخَذَ رَأْسَهُ فَمَدَّهُ إلَيْهِ، فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ اُذْكُرْ وُقُوفَك بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ، فَارْتَعَدَ سُلَيْمَانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَعَفَا عَنْهُ. قِيلَ كَانَ عَذَابُ سُلَيْمَانَ

اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 388
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست