responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 342
لِلرَّجُلِ الرَّابِعِ فَلَا دَلِيلَ لَهُ بِذَلِكَ، فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ النَّاظِمِ مُشْعِرٌ بِذَلِكَ حَيْثُ قَيَّدَ انْفِرَادَ الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمَا أَوْ مَعَهُمْ فِي الْمُنَاجَاةِ، فَإِنَّ مَفْهُومَهُ مَتَى كَانَ مَعَهُ وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ لَمْ يُكْرَهْ اخْتِصَاصُ بَعْضِ الْجَمْعِ بِالْمُنَاجَاةِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ، وَإِنَّمَا الْمَكْرُوهُ انْفِرَادُ الْجَمْعِ بِالْمُنَاجَاةِ دُونَ وَاحِدٍ مُنْفَرِدٍ لَيْسَ مَعَهُ مَنْ يُنَاجِيهِ وَلَا يَسْتَأْنِسُ بِهِ.
وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانُوا فِي سَفَرٍ أَوْ مَوْضِعٍ مُخِيفٍ وَالْعِلَّةُ الَّتِي ذَكَرُوهَا فِي الِاثْنَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ مَوْجُودَةٌ فِي الثَّلَاثِ فَأَكْثَرَ دُونَ وَاحِدٍ فَالْأَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إبْقَاءُ كَلَامِ النَّاظِمِ عَلَى عُمُومِهِ.
وَأَمَّا لَفْظُ الْحَدِيثِ فَهَذَا مَفْهُومُ عَدَدٍ وَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ عُلَمَاءُ الْأُصُولِ هَلْ يَكُونُ مَفْهُومُهُ حُجَّةً أَوْ لَا الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلْعَدَدِ. وَأَيْضًا مُرَادُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ أَقَلُّ مَا يُمْكِنُ انْفِرَادُ اثْنَيْنِ دُونَ وَاحِدٍ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي الْآنَ وَاَللَّهُ وَلِيُّ الْإِحْسَانِ. ثُمَّ رَأَيْتُ الْحَافِظَ ابْنَ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ صَرَّحَ بِمَا قُلْنَا.
قَالَ وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: لَا يَتَنَاجَى ثَلَاثَةٌ دُونَ وَاحِدٍ وَلَا عَشْرَةٍ لِأَنَّهُ قَدْ نَهَى أَنْ يُتْرَكَ وَاحِدٌ. قَالَ وَهَذَا مُسْتَنْبَطٌ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ يَعْنِي حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. قَالَ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ لِلْوَاحِدِ كَتَرْكِ الِاثْنَيْنِ لِلْوَاحِدِ.
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ: لَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ الِاثْنَيْنِ وَالْجَمَاعَةِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى فِي حَقِّ الْوَاحِدِ، زَادَ الْقُرْطُبِيُّ: بَلْ وُجُودُهُ فِي الْعَدَدِ الْكَثِيرِ أَمْكَنُ وَأَشَدُّ فَلْيَكُنْ الْمَنْعُ أَوْلَى. قَالَ وَإِنَّمَا خُصَّ الثَّلَاثَةُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ عَدَدٍ يُتَصَوَّرُ فِيهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى. فَهُمَا وَجَدَا الْمَعْنَى فِيهِ أُلْحِقَ بِهِ فِي الْحُكْمِ. انْتَهَى.
(الثَّالِثُ) : مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ مَا لَمْ يَأْذَنْ الْوَاحِدُ الْمُنْفَرِدُ لِلْجَمْعِ فِي الْمُنَاجَاةِ، فَإِنْ أَذِنَ فَلَا كَرَاهَةَ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ. قَالَهُ فِي الْآدَابِ عَنْ بَعْضِهِمْ. وَذُكِرَ النَّهْيُ عَنْ الْإِصْغَاءِ إلَى مَنْ يَتَحَدَّثُ سِرًّا بِدُونِ إذْنِهِ. قَالَ وَإِنْ كَانَ إذْنُهُ اسْتِحْيَاءً فَذَكَرَ صَاحِبُ النَّظْمِ يُكْرَهُ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ مَنْ أَعْطَى مَالًا حَيَاءً لَمْ يَجُزْ الْأَخْذُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الْفُصُولِ. انْتَهَى.
وَيُتَّجَهُ مِثْلُهُ هُنَا أَنْ لَوْ أَذِنَ لَهُمْ فِي الْمُنَاجَاةِ حَيَاءً مِنْهُمْ بِأَنْ اسْتَأْذَنُوهُ فَأَذِنَ لَهُمْ عَلَى جِهَةِ الْحَيَاءِ كُرِهَ انْفِرَادُهُمْ عَنْهُ، وَلَا يَكُونُ هَذَا الْإِذْنُ مُنَافِيًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 342
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست