responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 334
قَالَ: وَرَخَّصَ فِيهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ عَلَى وَجْهِ التَّدَيُّنِ، وَكَرِهَهُ آخَرُونَ كَمَالِكٍ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: هِيَ السَّجْدَةُ الصُّغْرَى.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: يُقَالُ تَقْبِيلُ الْيَدِ إحْدَى السَّجْدَتَيْنِ. قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ: وَأَمَّا ابْتِدَاءُ الْإِنْسَانِ بِمَدِّ يَدِهِ لِلنَّاسِ لِيُقَبِّلُوهَا، وَقَصْدُهُ لِذَلِكَ فَهَذَا يُنْهَى عَنْهُ بِلَا نِزَاعٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُقَبِّلُ هُوَ الْمُبْتَدِئَ بِذَلِكَ انْتَهَى.
وَلَمَّا تَنَاوَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ يَدَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لِيُقَبِّلَهَا قَبَضَهَا، فَتَنَاوَلَ رِجْلَهُ فَقَالَ مَا رَضِيت مِنْك بِتِلْكَ فَكَيْفَ هَذِهِ.
وَقَبَضَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يَدَهُ مِنْ رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يُقَبِّلَهَا، وَقَالَ: مَهْ فَإِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ هَذَا مِنْ الْعَرَبِ إلَّا هَلُوعٌ، وَمِنْ الْعَجَمِ إلَّا خَضُوعٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: قُبْلَةُ يَدِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ طَاعَةٌ. وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: قُبْلَةُ الْوَالِدِ عِبَادَةٌ، وَقُبْلَةُ الْوَلَدِ رَحْمَةٌ، وَقُبْلَةُ الْمَرْأَةِ شَهْوَةٌ، وَقُبْلَةُ الرَّجُلِ أَخَاهُ دَيْنٌ.
وَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِأَنَّ تَقْبِيلَ يَدِ الظَّالِمِ مَعْصِيَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَ خَوْفٍ. وَقَالَ فِي مَنَاقِبِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ: يَنْبَغِي لِلطَّالِبِ أَنْ يُبَالِغَ فِي التَّوَاضُعِ لِلْعَالِمِ وَيُذَلُّ لَهُ. قَالَ: وَمِنْ التَّوَاضُعِ تَقْبِيلُ يَدِهِ.
وَقَبَّلَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَالْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ أَحَدُهُمَا يَدَ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْجُعْفِيِّ وَالْآخَرُ رِجْلَهُ. قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْمَعَالِي فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: أَمَّا تَقْبِيلُ يَدِ الْعَالِمِ وَالْكَرِيمِ لِرِفْدِهِ وَالسَّيِّدِ لِسُلْطَانِهِ فَجَائِزٌ، وَأَمَّا إنْ قَبَّلَ يَدَهُ لِغِنَاهُ فَقَدْ رُوِيَ «مَنْ تَوَاضَعَ لِغَنِيٍّ لِغِنَاهُ فَقَدْ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ» انْتَهَى.
وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الصَّحَابَةَ قَبَّلُوا يَدَ الْمُصْطَفَى كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَارِّ عِنْدَ قُدُومِهِمْ مِنْ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ.
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيِّ وَغَيْرُهُمْ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ «قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إلَى هَذَا النَّبِيِّ، فَأَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَا عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إلَى قَوْلِهِ فَقَبَّلَا يَدَهُ وَرِجْلَهُ وَقَالَا نَشْهَدُ أَنَّك نَبِيٌّ اللَّهِ» .

اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 334
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست