responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 303
وَعِشْرِينَ أَلْفًا، وَالنَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ، وَالتَّارِيخَ، وَحَدِيثَ شُعْبَةَ، وَالزُّهْدَ، وَالْمُقَدَّمَ وَالْمُؤَخَّرَ فِي الْقُرْآنِ، وَجَوَابَاتِ الْقُرْآنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لِلرَّدِّ عَلَى الزَّنَادِقَةِ، وَالْمَنَاسِكَ الْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ، وَأَشْيَاءَ أُخَرَ.
وَكَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَيْخًا وَقُورًا كَثِيرَ التَّوَاضُعِ يُحِبُّ الْفُقَرَاءَ، لَمْ يَرَ الْفَقِيرُ نَفْسَهُ أَعَزَّ مِنْهُ فِي مَجْلِسِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَكَانَ حَسَنَ الْخُلُقِ، دَائِمَ الْبِشْرِ، لَيِّنَ الْجَانِبِ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ، يُحِبُّ فِي اللَّهِ وَيَبْغَضُ فِي اللَّهِ، وَإِذَا أَحَبَّ رَجُلًا أَحَبَّ لَهُ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، وَيَكْرَهُ مَا يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ. وَقَالَ يَزِيدُ الْمُنَادِي: كَانَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ مِنْ أَحْيَا النَّاسِ وَأَكْرَمِهِمْ نَفْسًا، وَأَحْسَنِهِمْ عِشْرَةً وَأَدَبًا، كَثِيرَ الْإِطْرَاقِ وَالْغَضِّ، مُعْرِضًا عَنْ الْقَبِيحِ وَاللَّغْوِ، لَا يُسْمَعُ مِنْهُ إلَّا الْمُذَاكَرَةُ بِالْحَدِيثِ وَالرِّجَالِ وَالطُّرُقِ وَذِكْرِ الصَّالِحِينَ وَالزُّهَّادِ، فِي وَقَارٍ وَسُكُونٍ وَلَفْظٍ حَسَنٍ. وَإِذَا لَقِيَهُ إنْسَانٌ سُرَّ بِهِ وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ، وَكَانَ يَتَوَاضَعُ تَوَاضُعًا شَدِيدًا، وَكَانُوا يُكْرِمُونَهُ وَيُعَظِّمُونَهُ وَيُحِبُّونَهُ. وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ بِشْرِ بْنِ مُوسَى يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ الْأَسَدِيَّ وَمَعَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ الْفَقِيهُ الْقَاضِي، فَخَاضُوا فِي ذِكْرِ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَأَنَّهُ لَمْ يُدْخِلْ ذِكْرَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي كِتَابِهِ الَّذِي أَلَّفَهُ فِي اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ، فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ: وَهَلْ أُصُولُ الْفِقْهِ إلَّا مَا كَانَ يُحْسِنُهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ؟ حَفِظَ آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمَعْرِفَةَ بِسُنَّتِهِ وَاخْتِلَافَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. قُلْت: لَمْ يَبْقَ بَعْدَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سِوَى الْقِيَاسِ وَالرَّأْيِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ حَيْثُ لَا نَصَّ، وَأَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَدْ أَحَاطَ عِلْمُهُ بِالْمَنْقُولِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَهُوَ أَجْدَرُ الْأَئِمَّةِ بِالصَّوَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَنَحْنُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُذْهَبُ إلَى الْقِيَاسِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الِاحْتِجَاجِ بِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ حَيْثُ لَا يُعَارِضُهَا نَصٌّ، وَلَا مِثْلُهَا فَمَذْهَبُنَا اتِّبَاعُ الْمَنْقُولِ، وَتَقْدِيمُ خَبَرِ الرَّسُولِ، وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ الْفُحُولِ

اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 303
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست