responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 277
حَائِطِي عِذْقًا وَأَنَّهُ قَدْ أَذَانِي وَشَقَّ عَلَيَّ مَكَانُ عِذْقِهِ، فَأَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: بِعْنِي عِذْقَك الَّذِي فِي حَائِطِ فُلَانٍ. قَالَ لَا. قَالَ فَهَبْهُ لِي، قَالَ لَا، قَالَ فَبِعْنِيهِ بِعِذْقٍ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ لَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا رَأَيْت الَّذِي هُوَ أَبْخَلُ مِنْك إلَّا الَّذِي يَبْخَلُ بِالسَّلَامِ» . وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ مُتَعَدِّدَةٌ.
إذَا عَلِمْت هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ لِلسَّلَامِ عِدَّةَ فَوَائِدَ، مِنْهَا امْتِثَالُ سُنَّةِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَالَ: «مَنْ كَانَ مِنْ أُمَّتِي فَلْيَسْتَنَّ بِسُنَّتِي»
وَمِنْهَا الْخُرُوجُ مِنْ الْحُرْمَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ ابْتِدَائِهِ، وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ عَدَمَ الْوُجُوبِ.
وَمِنْهَا الْخُرُوجُ مِنْ الْبُخْلِ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ جَنَّةَ عَدْنٍ بَخِيلٌ، وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنْ الْبُخْلِ، وَالْبَخِيلُ بَغِيضٌ إلَى اللَّهِ، بَغِيضٌ إلَى النَّاسِ، بَعِيدٌ مِنْ الْجَنَّةِ، حَبِيبٌ إلَى الشَّيْطَانِ، قَرِيبٌ إلَى النِّيرَانِ، وَالْجَنَّةُ دَارُ الْأَسْخِيَاءِ» .
وَمِنْهَا أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُدْخِلُ صَاحِبَهَا الْجَنَّةَ، كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَيُوجِبُ دُخُولَهَا لَهُ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَرْحٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ يُوجِبُ الْجَنَّةَ، قَالَ طَيِّبُ الْكَلَامِ، وَبَذْلُ السَّلَامِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.
وَمِنْهَا أَنَّ بَذْلَهُ مِنْ مُوجِبَاتِ الْمَغْفِرَةِ، فَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي سَرْحٍ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ قَالَ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، قَالَ إنَّ مِنْ مُوجِبَاتِ الْمَغْفِرَةِ بَذْلَ السَّلَامِ، وَحُسْنَ الْكَلَامِ» .
وَمِنْهَا أَنَّهُ يُوجِبُ الْمَحَبَّةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ وَغَيْرِهِ. وَالْمَحَبَّةُ شَأْنُهَا عَظِيمٌ. وَقَدْرُهَا جَسِيمٌ، وَمَدَارُ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ عَلَيْهَا. وَجَمِيعُ الْحَرَكَاتِ إنَّمَا نَشَأَتْ عَنْهَا، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَلَيْهَا عِدَّةُ أَحَادِيثَ ذَكَرْت طَرَفًا مِنْهَا فِي خَاتِمَةِ كِتَابِي الْبُحُورِ الزَّاخِرَةِ، وَيَكْفِي كَوْنُهَا عِلْمًا لِلْإِيمَانِ وَاَللَّهُ وَلِيُّ الْإِحْسَانِ.

اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 277
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست