responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 259
نَفْسِك وَإِخْوَانِك الْمُتَشَرِّعِينَ هِجْرَانَهُ (مَا دَامَ مُعْلِنَا) أَيْ مُدَّةَ دَوَامِ إعْلَانِهِ لِارْتِكَابِ الْمَعَاصِي. وَالْإِعْلَانُ الظُّهُورُ وَالْبَيَانُ وَهُوَ ضِدُّ السِّرِّ وَالْإِخْفَاءِ. قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: يُسَنُّ هَجْرُ مَنْ جَهَرَ بِالْمَعَاصِي الْفِعْلِيَّةِ وَالْقَوْلِيَّةِ وَالِاعْتِقَادِيَّة، وَقِيلَ: يَجِبُ إنْ ارْتَدَعَ بِهِ وَإِلَّا كَانَ مُسْتَحَبًّا. وَقِيلَ: يَجِبُ هَجْرُهُ مُطْلَقًا إلَّا مِنْ السَّلَامِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
وَقِيلَ تَرْكُ السَّلَامِ عَلَى مَنْ جَهَرَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى يَتُوبَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَيُكْرَهُ لِبَقِيَّةِ النَّاسِ تَرْكُهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ سَيِّدِنَا الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَرْكُ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ مُطْلَقًا. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو حُسَيْنٍ فِي التَّمَامِ: لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ فِي وُجُوبِ هَجْرِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَفُسَّاقِ الْمِلَّةِ.
وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُجَاهِرِ وَغَيْرِهِ كَالْمُبْتَدِعِ وَالْفَاسِقِ فَيَنْبَغِي لَك إنْ كُنْت مُتَّبِعًا سُنَنَ مَنْ سَلَفَ أَنَّ كُلَّ مَنْ جَاهَرَ بِمَعَاصِي اللَّهِ لَا تُعَاضِدْهُ وَلَا تُسَاعِدْهُ وَلَا تُقَاعِدْهُ وَلَا تُسَلِّمْ عَلَيْهِ بَلْ اُهْجُرْهُ (وَلَاقِهِ) فِعْلُ أَمْرٍ مِنْ الْمُلَاقَاةِ (بِوَجْهٍ مُكْفَهِرٍّ) عَلَى وَزْنِ مُسْتَمِرٍّ هُوَ الْغَلِيظُ، يُقَالُ اكْفَهَرَّ وَجْهُهُ عَبَسَ وَقَطَبَ.
وَفِي الْحَدِيثِ «الْقَوْا الْمُخَالِفِينَ بِوَجْهٍ مُكْفَهِرٍّ» قَالَ فِي النِّهَايَةِ: أَيْ عَابِسٍ قَطُوبٍ. وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «إذَا لَقِيت الْكَافِرَ فَالْقَهُ بِوَجْهٍ مُكْفَهِرٍّ» وَقَوْلُهُ (مُرَبَّدِ) صِفَةٌ بَعْدَ صِفَةٍ. وَالْمُرَبَّدُ الْمُلَوَّنُ وَزْنًا وَمَعْنًى.
قَالَ فِي الْقَامُوسِ: تَرَبَّدَ تَغَيَّرَ، وَتَرَبَّدَتْ السَّمَاءُ تَغَيَّمَتْ وَتَعَبَّسَتْ انْتَهَى. وَقَالَ غَيْرُهُ: تَرَبَّدَ لَوْنُهُ وَأَرْبَدَ أَيْ تَلَوَّنَ وَصَارَ كَلَوْنِ الرَّمَادِ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي الْجَمْهَرَةِ: وَالرُّبْدَةُ لَوْنٌ أَكْدَرُ مِنْ الْوَرْقَاءِ، يَعْنِي الْحَمَامَةَ الرَّبْدَاءَ. يُقَالُ نَعَامَةٌ رَبْدَاءُ وَظَلِيمٌ أَرْبَدَ. قَالَ وَتَرَبَّدَ وَجْهُ الرَّجُلِ إذَا احْمَارَّ حُمْرَةً فِيهَا سَوَادٌ عِنْدَ الْغَضَبِ. وَرَبَدَ السَّيْفُ فَرَبَدَهُ، يُقَالُ سَيْفٌ ذُو رُبْدٍ أَيْ فِيهِ شِبْهُ غُبَارٍ أَوْ مَدَبُّ نَمْلٍ. انْتَهَى.
وَفِي قَصِيدَةِ بِشْرِ بْنِ أَبِي عَوَانَةَ الْعَبْدِيِّ الْجَاهِلِيِّ الَّتِي كَتَبَهَا إلَى أُخْتِهِ فَاطِمَةَ، كَانَ قَدْ خَرَجَ فِي ابْتِغَاءِ مَهْرِ ابْنَةِ عَمِّهِ فَعَرَضَ لَهُ أَسَدٌ فَقَتَلَ الْأَسَدَ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي قُرَاضَةِ الذَّهَبِ وَقَالَ فِي ذَلِكَ:
أَفَاطِمُ لَوْ شَهِدْت بِبَطْنٍ خَبْتٍ ... وَقَدْ لَاقَى الْهِزَبْرُ أَخَاك بِشْرَا
إذًا لَرَأَيْت لَيْثًا رَامَ لَيْثًا ... هِزَبْرًا أَغْلَبًا لَاقَى هِزَبْرَا
تَبَهْنَسَ إذْ تَقَاعَسَ عَنْهُ مُهْرِي ... مُحَاذَرَةً فَقُلْت عُقِرْت مُهْرَا

اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 259
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست