responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 257
عَائِشَةَ وَآلَتْ أَنْ لَا تُكَلِّمَهُ أَبَدًا.
وَلَفْظُ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ فِي بَيْعٍ أَوْ عَطَاءٍ أَعْطَتْهُ عَائِشَةُ لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ أَوْ لَأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا فَقَالَتْ قَالَ هَذَا؟ قَالُوا نَعَمْ. قَالَتْ هُوَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لَا أُكَلِّمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَبَدًا فَاسْتَشْفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إلَيْهَا حِينَ طَالَتْ الْهِجْرَةُ، فَقَالَتْ لَا وَاَللَّهِ لَا أُشَفِّعُ فِيهِ أَبَدًا. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: أَرَادَ الْبُخَارِيُّ بِإِيرَادِ أَثَرِ عَائِشَةَ هَذَا أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ حَدِيثَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْهِجْرَةِ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ بَلْ هُوَ مَخْصُوصٌ بِمَنْ هَجَرَ بِغَيْرِ مُوجِبٍ لِذَلِكَ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَفِيهِ فَطَالَتْ هِجْرَتُهَا إيَّاهُ فَنَغَّصَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ فَاسْتَشْفَعَ بِالْمُهَاجِرِينَ فَلَمْ تَقْبَلْ. وَأَخْرَجَهُ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَزَادَ فِيهِ: فَاسْتَشْفَعَ إلَيْهَا بِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فَقَالَ لَهَا أَيُّ حَدِيثٍ أَخْبَرْتَنِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ نَهَى عَنْ الصَّرْمِ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَلَمْ تَقْبَلْ، أَيْ لِأَنَّ الْحَدِيثَ عِنْدَهَا مَخْصُوصٌ كَمَا تَقَدَّمَ. فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ كَلَّمَ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ وَهُمَا مِنْ بَنِي زُهْرَةَ وَقَالَ لَهُمَا أَنْشُدُكُمَا بِاَللَّهِ لَمَا أَدْخَلْتُمَانِي عَلَى عَائِشَةَ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْذُرَ قَطِيعَتِي. فَأَقْبَلَ بِهِ الْمِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مُشْتَمِلِينَ بِأَرْدِيَتِهِمَا حَتَّى اسْتَأْذَنَا عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَا السَّلَامُ عَلَيْك وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ أَنَدْخُلُ؟ قَالَتْ عَائِشَةُ اُدْخُلُوا. قَالُوا كُلُّنَا؟ قَالَتْ نَعَمْ اُدْخُلُوا كُلُّكُمْ وَلَا تَعْلَمُ أَنَّ مَعَهُمَا ابْنَ الزُّبَيْرِ. فَلَمَّا دَخَلُوا دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْحِجَابَ، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ بَكَى وَبَكَتْ وَأَعْتَقَتْ فِي نَذْرِهَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ رَقَبَةً كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ.
وَفِي رِوَايَةٍ: ثُمَّ بَعَثَتْ إلَى الْيَمَنِ بِمَالٍ قَالَ فَابْتِيعَ لَهَا بِهِ أَرْبَعُونَ رَقَبَةً فَأَعْتَقَتْهَا كَفَّارَةً لِنَذْرِهَا. وَأَرْسَلَ لَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ بِعَشْرِ رِقَابٍ فَأَعْتَقَتْهُمْ وَلَعَلَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْبَعِينَ بِأَنْ كَمَّلَتْ عَلَيْهِمْ.
قَالَ أَبُو دَاوُد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إذَا كَانَتْ الْهِجْرَةُ لِلَّهِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا يَعْنِي مِنْ أَحَادِيثِ الْوَعِيدِ بِالْهِجْرَانِ بِشَيْءٍ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَجَرَ بَعْضَ نِسَائِهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَجَرَ ابْنًا لَهُ إلَى أَنْ مَاتَ. وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ هَجَرَ جَمَاعَةً مِمَّنْ أَجَابُوا فِي الْمِحْنَةِ مِثْلَ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ

اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 257
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست