responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 220
مَا يَقْتَضِي تَمْيِيزَ بَعْضِهِمْ. وَفَرْضُ الْعَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ لِأَنَّهُ أَهَمُّ، وَلِذَا وَجَبَ عَلَى الْأَعْيَانِ. وَهَذَا الْمُعْتَمَدُ، وَقِيلَ عَكْسُهُ لِكَوْنِهِ يَسْقُطُ بِهِ الطَّلَبُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي قَوْلِ النَّاظِمِ بِالْكِفَايَةِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ (فَاحْدُدْ) وَهُوَ فِعْلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ وَحُرِّكَ بِالْكَسْرِ لِلْقَافِيَةِ.
وَالْحَدُّ فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ. وَفِي الِاصْطِلَاحِ الْوَصْفُ الْمُحِيطُ بِمَوْصُوفِهِ الْمُمَيِّزِ لَهُ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُطَّرِدًا وَهُوَ الْمَانِعُ كُلَّمَا وُجِدَ الْحَدُّ وُجِدَ الْمَحْدُودُ مُنْعَكِسًا وَهُوَ الْجَامِعُ كُلَّمَا وُجِدَ الْمَحْدُودُ وُجِدَ الْحَدُّ، وَقَدْ عُلِمَ بِمَا ذَكَرْنَا حَدُّ فَرْضِ الْكِفَايَةِ. فَتَحَقَّقَ مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ يَدُورَانِ بَيْنَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَفَرْضِ الْعَيْنِ. فَإِنْ عَلِمَ بِالْمَحْظُورِ وَعَلِمَ بِفِعْلِهِ وَلَمْ يَقُمْ سِوَاهُ بِإِزَالَتِهِ وَأَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ فِي حَقِّهِ فَرْضُ عَيْنٍ. وَإِنْ عَلِمَ أَوْ أَمِنَ مَعَ وُجُودِ مَنْ يَقُومُ بِهِ سِوَاهُ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ. وَظَاهِرُ نِظَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ هُوَ هُوَ. نَعَمْ إذَا كَانَ فِي حَالَةٍ لَا يَجِبُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ بِأَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ حُرْمَتِهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا يَكُونُ فَضِيلَةً لَا وَاجِبًا، وَقَدْ قَدَّمْنَا كَلَامَهُمْ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَتِمَّةٌ)
فِي أَحَادِيثَ وَرَدَتْ عَنْ خَيْرِ الْبَشَرِ، فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، غَيْرِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا مَرَّ، وَمَا سَيَأْتِي عَلَى الْأَثَرِ.
أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ عَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ يَبْعَثُ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يَسْتَجِيبُ لَكُمْ» .
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحْقِرَنَّ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَحْقِرُ أَحَدُنَا نَفْسَهُ؟ قَالَ يَرَى أَمْرَ اللَّهِ عَلَيْهِ فِيهِ مَقَالٌ ثُمَّ لَا يَقُولُ فِيهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا مَنَعَك أَنْ تَقُولَ فِي كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ خَشِيَتْ النَّاسَ، فَيَقُولُ فَإِيَّايَ كُنْت أَحَقَّ أَنْ تَخْشَى» .
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ أَوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ أَنَّهُ كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ يَا هَذَا اتَّقِ اللَّهَ وَدَعْ مَا تَصْنَعُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَك، ثُمَّ يَلْقَاهُ

اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 220
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست