responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 166
حَقًّا حَقًّا. إنَّ الْمَوْلَى صَمَدِيٌّ يَبْقَى يَا أَهْلَ الدُّنْيَا إنَّ الدُّنْيَا قَدْ غَرَّتْنَا وَاسْتَهْوَتْنَا وَاسْتَغْوَتْنَا. يَا ابْنَ الدُّنْيَا مَهْلًا مَهْلًا. يَا ابْنَ الدُّنْيَا تَفْنَى الدُّنْيَا قَرْنًا قَرْنًا. مَا مِنْ يَوْمٍ يَمْضِي عَنَّا إلَّا يُهْوِي مِنَّا رُكْنًا.
قَالُوا: وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ مَارٌّ عَلَى دُكَّانِ قَطَّانٍ لِأَصْحَابِهِ: أَتَدْرُونَ قَوْسَهُ مَا يَقُولُ؟ قَالُوا لَا، قَالَ إنَّهُ يَقُولُ: لَوْ عِشْت عُمْرَ نُوحٍ وَضِعْفَ ضِعْفَ ضِعْفَ ذَاكَ أَلَسْت بَعْدَهَا تَفِ تَفِ تَفِ. قَالَ فِي حَلِّ الرُّمُوزِ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ حَضَرَ السَّمَاعُ، وَسَمِعَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَكَابِرِ وَالْمَشَايِخِ وَالتَّابِعِينَ وَمِنْ الصَّحَابَةِ، فَنُقِلَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ.
قَالَ وَجَاءَ عَنْهُ آثَارٌ فِي إبَاحَةِ السَّمَاعِ وَجَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ كَابْنِ الزُّبَيْرِ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَمُعَاوِيَةَ وَغَيْرِهِمْ.
قَالَ وَمِمَّنْ قَالَ بِإِبَاحَتِهِ مِنْ السَّلَفِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَهْلُ الْحِجَازِ أَجْمَعَ يُبِيحُونَ الْغِنَاءَ، كَذَا قَالَ.
وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمُلَقَّبِ بِالْقَسِّ وَكَانَ عِنْدَ أَهْلِ مَكَّةَ أَفْضَلَ مِنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فِي الْعِبَادَةِ أَنَّهُ مَرَّ يَوْمًا بِسَلَّامَةَ وَهِيَ تُغَنِّي فَقَامَ يَسْمَعُ غِنَاءَهَا فَرَآهُ مَوْلَاهَا فَقَالَ لَهُ هَلْ لَك أَنْ تَدْخُلَ وَتَسْمَعَ؟ فَأَبَى وَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى دَخَلَ فَغَنَّتْهُ فَأَعْجَبَتْهُ، وَلَمْ يَزَلْ يَسْمَعُهَا وَيُلَاحِظُهَا النَّظَرَ حَتَّى شُغِفَ بِهَا، فَلَمَّا شَعَرَتْ لِلَحْظِهِ إيَّاهَا، غَنَّتْهُ:
رُبَّ رَسُولَيْنِ لَنَا بَلَّغَا ... رِسَالَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَحَا
الطَّرْفَ وَالظَّرْفَ بَعَثْنَاهُمَا ... فَقَضَيَا حَاجًا وَمَا صَرَّحَا
قَالَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ وَكَادَ يَهْلَكُ، فَقَالَتْ لَهُ وَاَللَّهِ إنِّي أُحِبُّك، قَالَ أَنَا وَاَللَّهِ أُحِبُّك. قَالَتْ وَأُحِبُّ أَنْ أَضَعَ فَمِي عَلَى فَمِك، قَالَ وَأَنَا وَاَللَّهِ فَمَا يَمْنَعُك مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَتْ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَاقَةُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَك عَدَاوَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَمَا سَمِعْت قَوْله تَعَالَى {الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67] فَنَهَضَ وَعَادَ إلَى طَرِيقَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
قَدْ كُنْت أَعْذِلُ فِي السَّفَاهَةِ أَهْلَهَا ... فَأَعْجَبُ لِمَا تَأْتِي بِهِ الْأَيَّامُ
فَالْيَوْمَ أَعْذُرُهُمْ وَأَعْلَمُ أَنَّمَا ... سُبُلُ الضَّلَالَةِ وَالْهُدَى أَقْسَامُ
وَحَاصِلُ مَا عِنْدَ الصُّوفِيَّةِ عَلَى مَا فِي حَلِّ الرُّمُوزِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِهِمْ أَنَّ السَّمَاعَ

اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 166
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست