responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 131
أَنَسٌ أَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ} [الحجرات: 11] نَزَلَتْ فِي صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَ لَهَا النِّسَاءُ يَهُودِيَّةٌ بِنْتُ يَهُودِيَّيْنِ.
وَعَنْ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الْمُسْتَهْزِئِينَ بِالنَّاسِ يُفْتَحُ لِأَحَدِهِمْ فِي الْآخِرَةِ بَابٌ مِنْ الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُمْ هَلُمَّ فَيَجِيءُ بِكَرْبِهِ وَغَمِّهِ فَإِذَا جَاءَ أُغْلِقَ دُونَهُ فَمَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى إنَّ أَحَدَهُمْ لَيُفْتَحُ لَهُ الْبَابُ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ هَلُمَّ فَمَا يَأْتِيهِ مِنْ الْإِيَاسِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مُرْسَلًا.
وَفِي هَذَا وَعْظٌ لِمَنْ اتَّعَظَ وَإِيقَاظٌ لِمَنْ تَيَقَّظَ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ مَرْعِيٌّ فِي أَقَاوِيلِ الثِّقَاتِ: الِاسْتِهْزَاءُ مِنْ بَابِ الْعَبَثِ وَالسُّخْرِيَةِ فَمَعْنَى يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ يَعْنِي يُجَازِيهِمْ عَلَى اسْتِهْزَائِهِمْ وَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُشَاكَلَةِ فِي اللَّفْظِ لِيَزْدَوِجَ الْكَلَامُ كَ {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67] وَالْمَعْنَى يُعَامِلُهُمْ مُعَامَلَةَ الْمُسْتَهْزِئِ، أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَبِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ وَاسْتِدْرَاجِهِمْ بِالْإِمْهَالِ، وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَيُرْوَى أَنَّهُ يُفْتَحُ لِأَحَدِهِمْ بَابُ الْجَنَّةِ فَيُسْرِعُ نَحْوَهُ فَإِذَا سَارَ إلَيْهِ سُدَّ دُونَهُ ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ آخَرُ فَإِذَا أَقْبَلَ عَلَيْهِ سُدَّ دُونَهُ.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ عَلَى طَرِيقَةِ الْخَلَفِ. وَأَمَّا مَذْهَبُ السَّلَفِ فَلَا يُؤَوِّلُونَ وَلَا يُكَيِّفُونَ فَيُؤْمِنُونَ بِمَا أَخْبَرَ لَا كَمَا يَخْطِرُ فِي أَوْهَامِ الْبَشَرِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
(تَنْبِيهٌ) : الْمُسْتَهْزِئُ بِغَيْرِهِ يَرَى فَضْلَ نَفْسِهِ بِعَيْنِ الرِّضَى عَنْهَا، وَيَرَى نَقْصَ غَيْرِهِ بِعَيْنِ الِاحْتِقَارِ، إذْ لَوْ لَمْ يَحْتَقِرْ غَيْرَهُ لَمَا سَخِرَ مِنْهُ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَهُنَا، التَّقْوَى هَهُنَا، التَّقْوَى هَهُنَا، وَيُشِيرُ إلَى صَدْرِهِ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ. كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَعِرْضُهُ وَمَالُهُ» قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ النَّوَوِيَّةِ: الْمُتَكَبِّرُ يَنْظُرُ إلَى نَفْسِهِ بِعَيْنِ الْكَمَالِ وَإِلَى غَيْرِهِ بِعَيْنِ النَّقْصِ فَيَحْتَقِرُهُمْ وَيَزْدَرِيهِمْ وَلَا يَرَاهُمْ أَهْلًا لَأَنْ يَقُومَ بِحُقُوقِهِمْ وَلَا أَنْ يَقْبَلَ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ الْحَقَّ إذَا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ» يَعْنِي يَكْفِيهِ مِنْ الشَّرِّ احْتِقَارُ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَحْقِرُ أَخَاهُ

اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 131
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست