responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 123
وَقَالَ: عَلَى الْجَهْمِيَّةِ لَعْنَةُ اللَّهِ. وَكَانَ الْحَسَنُ يَلْعَنُ الْحَجَّاجَ. وَأَحْمَدُ يَقُولُ الْحَجَّاجُ رَجُلُ سُوءٍ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَيْسَ فِي هَذَا عَنْ أَحْمَدَ لَعْنَةُ مُعَيَّنٍ لَكِنَّ قَوْلَ الْحَسَنِ نَعَمْ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَيْضًا: لَمْ أَرَ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَعَنَ مُعَيَّنًا إلَّا لَعْنَةُ نَوْعٍ أَوْ دُعَاءٍ عَلَى مُعَيَّنٍ بِالْعَذَابِ أَوْ سَبٍّ لَهُ.
وَفِي الْآدَابِ الْكُبْرَى لِابْنِ مُفْلِحٍ ذَكَرَ الْقَاضِي مَا نَقَلَهُ مِنْ خَطِّ أَبِي حَفْصٍ الْعُكْبَرِيِّ أَسْنَدَهُ إلَى صَالِحِ بْنِ أَحْمَدَ، قُلْت لِأَبِي إنَّ قَوْمًا يَنْسُبُونَا إلَى تَوَالِي يَزِيدَ، فَقَالَ يَا بُنَيَّ وَهَلْ يَتَوَلَّى يَزِيدَ أَحَدٌ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ؟ (فَقُلْت) وَلِمَ لَا تَلْعَنُهُ؟ فَقَالَ وَمَتَى رَأَيْتنِي أَلْعَنُ شَيْئًا لِمَ لَا تَلْعَنُ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ، فَقُلْت وَأَيْنَ لَعَنَ اللَّهُ يَزِيدَ فِي كِتَابِهِ؟ فَقَرَأَ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22] {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 23] فَهَلْ يَكُونُ فِي قَطْعِ الرَّحِمِ أَعْظَمُ مِنْ الْقَتْلِ.
قَالَ الْقَاضِي: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ إنْ صَحَّتْ فَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي مَعْنَى عِلَّةِ لَعْنِ يَزِيدَ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الدَّلَالَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى اسْتِلْزَامِ الْمُطْلَقِ لِلْمُعَيَّنِ. انْتَهَى.
(قُلْت) أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْحُفَّاظِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ يُجِيزُونَ لَعْنَةَ يَزِيدَ اللَّعِينِ، كَيْفَ لَا وَهُوَ الَّذِي فَعَلَ الْمُعْضِلَاتِ، وَهَتَكَ سِتْرَ الْمُخَدَّرَاتِ، وَانْتَهَكَ حُرْمَةَ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَآذَى سِبْطَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ حَيٌّ وَمَيِّتٌ، مَعَ مُجَاهَرَتِهِ بِشُرْبِ الْخُمُورِ وَالْفِسْقِ وَالْفُجُورِ. ذَكَرُوا فِي تَرْجَمَتِهِ أَنَّهُ كَانَ مُجَاهِرًا بِالشَّرَابِ مُتَهَتِّكًا فِيهِ،.
وَلَهُ فِي وَصْفِهِ بَدَائِعُ وَغَرَائِبُ وَنَهَاهُ وَالِدُهُ فَلَمْ يَنْتَهِ، فَغَضِبَ عَلَيْهِ، فَأَنْشَدَ يَزِيدُ يُخَاطِبُهُ، وَنَسَبَهَا الْأَصْمَعِيُّ إلَى غَيْرِهِ:
أَمِنْ شَرْبَةٍ مِنْ مَاءِ كَرْمٍ شَرِبْتهَا ... غَضِبَتْ عَلَيَّ الْآنَ طَابَ لِي السُّكْرُ
سَأَشْرَبُ فَاغْضَبْ لَا رَضِيت كِلَاهُمَا ... حَبِيبٌ إلَى قَلْبِي عُقُوقُك وَالْخَمْرُ
وَهُوَ الْقَائِلُ مِنْ قَصِيدَةٍ:
وَشِمْسَةُ كَرْمٍ بُرْجُهَا قَعْرُ دَنِّهَا ... فَمَطْلَعُهَا السَّاقِي وَمَغْرِبُهَا فَمِي
مُدَامٌ كَتِبْرٍ فِي إنَاءٍ كَفِضَّةٍ ... وَسَاقٍ كَبَدْرٍ مَعْ نَدَامَى كَأَنْجُمِ
إذَا نَزَلَتْ مِنْ دَنِّهَا فِي زُجَاجَةٍ ... حَكَتْ نَفَرًا بَيْنَ الْحَطِيمِ وَزَمْزَمِ
نُشِيرُ إلَيْهَا بِالْبَنَانِ كَأَنَّمَا ... نُشِيرُ إلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ الْمُحَرَّمِ

اسم الکتاب : غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب المؤلف : السفاريني    الجزء : 1  صفحة : 123
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست