اسم الکتاب : علم الأخلاق الإسلامية المؤلف : مقداد يالجن الجزء : 1 صفحة : 74
فمن الحكمة إذن أن نجعل لعالم الروح الموضوعية نفسها التي لعالم المادة"[1]، ويهاجم المتحضرين فيقول: "فهم يتوهمون أن تربية الذكاء تضاهي تربية الروح، ولم يكتشفوا بعد أن هناك إلى جانب التفكير المنطقي ضروبا أخرى من النشاط الروحي الضرورية حتى يكون السلوك في الحياة سلوكا عقليا، وقد ردت الحياة على هذا الجهل بجواب بطيء صامت بدت مظاهره جلية.. في الزحف التدريجي للقبح والقذارة والفظاظة والسُكْر وشهوة الترف وحب السلامة والحسد والنميمة والبغض المتبادل.. والنفاق والكذب والخيانة، هكذا أجابت الحياة بطريقة آلية على رفض الخضوع لقانون الارتقاء الروحي فقضت على نفسها بالانحطاط والانحلال"[2]، وهكذا نرى فداحة الخطأ الذي يرتكبه هؤلاء الذين يضعون نظاما للناس ويهملون فيه الجانب الروحي بقصد أو بغير قصد.
وأما الحاجات الحسية الأساسية في الإنسان -مثل: المأكل والمشرب والجنس والملبس والمسكن وما إلى ذلك- فهي ضرورية أيضا لدوام الحياة أولاً وللشعور بالسعادة ثانيا، ولهذا فقد أباح الإسلام كل ما يحتاج إليه الإنسان بالضرورة، وحرم كل شيء يضر الصحة، وقد سمي الأول بالطيب والثاني بالخبيث {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [3]، وكيف يحرم الطيبات وهو الذي خلقها رزقا للعباد {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ} [4]. [1] تأملات في سلوك الإنسان، الدكتور الكسيس كارل. ت. محمد القصاص. مراجعة د. محمود قاسم ص 173-174. [2] المرجع السابق نفسه ص 78، الدكتور ألكسيس كار. [3] الأعراف آية: 157. [4] الأنعام آية: 141.
اسم الکتاب : علم الأخلاق الإسلامية المؤلف : مقداد يالجن الجزء : 1 صفحة : 74